الشيخ حتى دنا من ناقتي فحل العقال، وأخذ يتخطى ويتمطى ذات اليمين وذات الشمال. فنفرت الناقة في مجاهل تلك الأرض، وجعل يستوقفها زجرًا فتشتد في الركض. فبادرت أعدو إليها حتى استأنست من النفار، ورجعت بها أتنور تلك النار، وإذا الشيخ قد أخذ كل ما هناك وسار. فصفقت صفقت الأواه، وقلت: لا حول ولا قوة إلا بالله. ثم عمدت إلى عقال ناقتي المجفلة، وإذا طرس قد عقل به مكتوبًا فيه بعد البسملة:
قل لسهيل: لست بالمغبون، ... لولاي ذقت غصة المنون
فأنت والناقة في يميني ... ملك بحق ليس بالمنون
لكن عفوت عنك كالمديون ... وهبته الدين لحسن الدين
فقدم الشكر إلى ميمون!
قال: فعجبت من أخلاقه، وأسفت على فراقه. ووددت على ما بي من الفاقة، ولو مكث واستتبع الناقة.
المقامة الثانية وتعريف بالحجازية
1 / 8