============================================================
وأما خلافة عثمان رضي الله عنته : فقد تقدم أنه لما توفي أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، وصليى عليه صهيب، ونزل في قبره مع ابنه عبد الله وأهل الشورى جميعهم إلا طلحة؛ فانه كان غائبا، فلما فرغوا من شان آمير المؤمنين رضي الله عنه.. جمعهم المقداد بن الأسود في بيت المسور بن مخرمة - وقيل : في حجرة عائشة، وفيل: في بيت المال، وقيل : في بيت فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس، والأول أشبه- فجلسوا في البيت، وقام طلحة يحجبهم، فجاء عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة، فجلسا من وراء الباب، فحصبهما سعد بن أبي وقاص، وطردهما، وقال لهما : جيتما لتقولا حضرنا آمر الشورى رواه المداثني عن شيوخه، والله أعلم بصحته.
والحاصل : أن القوم خلصوا من الناس في بيت يتشاورون في آمرهم، فكثر القوم، وعلت الأصوات، فقال أبو طلحة : إني كنت أظن أن تدافعوها، ولم اكن أظن أن تنافسوها، ثم صار الأمر - بعد أن حضر أبو طلحة - إلى أن يفوض ثلاثة منهم ما لهم في ذلك الى ثلاثة، ففوض الزيير ما يستحقه من الإمارة إلى علي، وفوض سعد ما له في ذلك إلى عبد الرحمان بن عوف ، وفوض طلحة حقه إلى عثمان، فقال عبد الرحمان بن عوف لعلي وعثمان : أيكما يبرا من هذا الأمر، فيفوض الأمر إليه في التولية والله عليه والإسلام ؟
فيولين أفضل الرجلين الباقيين، فسكت الشيخان عليع وعثمان ، فقال عبد الرحمان : إني أترك حقي من ذلك ، والله علي والإسلام أن أجتهد فأولي أولاكما بالحق، فقالا : نعم ، ثم خاطب كل واحد منهما بما فيه من الفضل، وأخذ عليه العهد والميثاق؛ لين ولاه..
ليعدلن، ولثن ولي عليه.. ليسمعن وليطيعن، فقال كل واحد منهما : نعم، ثم تفرقوا .
ويروى : أن أهل الشورى جعلوا الأمر إلى عبد الرحمان بن عوف ؛ ليجتهد للمسلمين في أفضلهم، فيوليه ، فذكروا أنه سأل كل من يمكنه سؤاله من أهل الشورى وغيرهم ، فلا يشير إلا بعثمان بن عفان ، حتى إنه قال لعلي : أرايت إن لم أولك.. فمن تشير علي به ؟
قال : عثمان، وقال لعثمان : أرأيت إن لم أولك.. فمن تشير علي به ؟ قال : بعلي بن أبي طالب.
والظاهر - والله أعلم - : أن هذذا كان قبل أن ينحصر الأمر في ثلاثة، وينخلع عبد الرحمان منها لينظر الأفضل، والله عليه والإسلام ليجتهدن رأيه للمسلمين في أفضل الرجلين فيوليه، ثم نهض عبد الرحمان بن عوف يستشير الناس فيهما، ويجتمع برؤوس الناس وغيرهم، جمعا وأشتاتا، مثنى وفرادى ومجتمعين، سرا وجهرا، حتى إنه خلص
Page 222