98

Complexe des rivières dans l'explication de la rencontre des mers

مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر

Maison d'édition

المطبعة العامرة ودار إحياء التراث العربي

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1328 AH

Lieu d'édition

تركيا وبيروت

بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ (مُطْمَئِنًّا) أَيْ سَاكِنًا بِقَدْرِ تَسْبِيحَةٍ، وَلَيْسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ ذِكْرٌ مَسْنُونٌ عِنْدَنَا وَكَذَا بَعْدَ رَفْعِهِ، وَمَا وَرَدَ فِيهِمَا مِنْ الدُّعَاءِ فَمَحْمُولٌ عَلَى التَّهَجُّدِ وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ الرَّفْعِ فَرُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ إنْ كَانَ إلَى الْقُعُودِ أَقْرَبَ جَازَ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ قَاعِدًا، وَإِنْ كَانَ إلَى الْأَرْضِ أَقْرَبَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ سَاجِدًا. وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ: هُوَ الْأَصَحُّ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ: إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ بِحَيْثُ لَا يُشْكِلُ عَلَى النَّاظِرِ أَنَّهُ قَدْ رَفَعَ يَجُوزُ وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ الْإِمَامِ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِقْدَارَ مَا يُسَمِّي رَافِعًا جَازَ لِوُجُودِ الْفَصْلِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ هُوَ الْأَصَحُّ وَرُوِيَ عَنْهُ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِقْدَارَ مَا تَمُرُّ الرِّيحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ جَازَ. (وَيُكَبِّرُ) لِلسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ خَافِضًا (وَيَسْجُدُ مُطْمَئِنًّا) قِيلَ: الْحِكْمَةُ فِي تَكْرَارِ السَّجْدَةِ أَنَّ الْأُولَى لِامْتِثَالِ الْأَمْرِ، وَالثَّانِيَةُ لِتَرْغِيمِ إبْلِيسَ فَإِنَّهُ أُمِرَ بِالسُّجُودِ فَلَمْ يَفْعَلْ فَنَحْنُ أُمِرْنَا بِهِ فَنَسْجُدُ مَرَّتَيْنِ تَرْغِيمًا لَهُ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ إبْلِيسَ سَجَدَ لِلَّهِ - تَعَالَى - كَثِيرًا وَمَا امْتَنَعَ عَنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا امْتِنَاعُهُ مِنْ السُّجُودِ لِآدَمَ ﵇ كَمَا قَالَ السُّرُوجِيُّ فِي غَايَتِهِ وَقِيلَ: الْأُولَى إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ خُلِقَ مِنْ تُرَابٍ، وَالثَّانِيَةُ إلَى أَنَّهُ يَعُودُ إلَيْهِ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُمَا أَمْرٌ تَعَبُّدِيٌّ فَلَا يُطْلَبُ فِيهِ الْمَعْنَى كَأَعْدَادِ الرَّكَعَاتِ. (ثُمَّ يُكَبِّرُ لِلنُّهُوضِ فَيَرْفَعُ وَجْهَهُ ثُمَّ يَدَيْهِ ثُمَّ رُكْبَتَيْهِ) عَلَى عَكْسِ السُّجُودِ. وَفِي التَّبْيِينِ وَيُكْرَهُ تَقْدِيمُ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ عِنْدَ النُّهُوضِ، وَيُسْتَحَبُّ الْهُبُوطُ بِالْيُمْنَى، وَالنُّهُوضُ بِالشِّمَالِ. (وَيَنْهَضُ قَائِمًا) بَعْدَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ قَالَ صَاحِبُ الْفَرَائِدِ النُّهُوضُ الْقِيَامُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى وَيَقُومُ قَائِمًا، وَلَا مَعْنَى لَهُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى التَّجْرِيدِ وَيُجْعَلَ بِمَعْنَى يَسْتَوِي، وَهُوَ بَعِيدٌ وَفِيهِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّ النُّهُوضَ قَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الِاسْتِوَاءِ، وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى التَّوَجُّهِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهِ وَكِلَاهُمَا مُوَافِقٌ لِهَذَا الْمَقَامِ فَلَمْ يَتَفَطَّنْ هَذَا الرَّادُّ فَقَالَ مَا قَالَ (مِنْ غَيْرِ قُعُودٍ، وَلَا اعْتِمَادٍ بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ) أَمَّا الِاعْتِمَادُ عَلَى فَخِذَيْهِ أَوْ رُكْبَتَيْهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ اتِّفَاقًا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَجْلِسُ بَعْدَهَا جِلْسَةً خَفِيفَةً وَتُسَمَّى جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ، وَيَقُومُ مُعْتَمِدًا؛ لِأَنَّهُ ﵊ فَعَلَ كَذَا، وَلَنَا أَنَّهُ ﵊ «كَانَ يَنْهَضُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى صَدْرِ قَدَمَيْهِ» وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ مَا وُضِعَتْ لِلِاسْتِرَاحَةِ، وَمَا رَوَاهُ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ الضَّعْفِ وَالْكِبَرِ. وَفِي الْمُجْتَبَى قَالَ الطَّحَاوِيُّ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يَعْتَمِدَ بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ شَيْخًا كَانَ أَوْ شَابًّا، وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ. (وَالثَّانِيَةُ) أَيْ الرَّكْعَةُ الثَّانِيَةُ (كَالْأُولَى) أَيْ يَفْعَلُ فِيهَا مَا يَفْعَلُ فِي الْأُولَى (إلَّا أَنَّهُ لَا يُثْنِي)؛ لِأَنَّهُ شُرِعَ فِي أَوَّلِ الْعِبَادَةِ دُونَ أَثْنَائِهَا. (وَلَا يَتَعَوَّذُ)؛ لِأَنَّهُ شُرِعَ فِي أَوَّلِ الْقِرَاءَةِ لِدَفْعِ الْوَسْوَسَةِ (وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ إلَّا فِي فَقْعَسَ صَمْعَجَ) لِقَوْلِهِ ﵊ «لَا تُرْفَعُ الْأَيْدِي إلَّا فِي ثَمَانِيَةِ مَوَاطِنَ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ وَقُنُوتِ الْوِتْرِ وَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ وَعِنْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ وَعِنْدَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَعِنْدَ الْمَوْقِفَيْنِ وَعِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ» فَلِكُلٍّ حَرْفٌ

1 / 99