ذهب ذلك الأمير إلى القاضي وجلس بجانبه. فلما انتهى تعظيمه وإجلاله من القاضي على حسب مقامه. قال له: لعل السبب الذي أوجبك إلى تشريفنا بقدومك خير. فقال له: نعم هو خير لك إن شاء الله تعالى. فقال: ما هو. قال الأمير: إني في ليلة أمس طلبني الملك فذهبت إليه. فلما انتهى المجلس وانصرف الناس وأردت أن أنصرف إذا هو أمرني أن أتخلف عنده. فلما اختلينا أسر إلي أنه يريد الحج في العام القابل ويريد أن يسلم المملكة جميعها لمن يعتمد ويؤتمن في ذلك إلى أن يعود بالسلامة. فاستشارني في الأمر فأشرت عليه أن يسلمها لجنابك لما نعهد عندك من الأمانة والعفة والصداقة أولى من تسليمها لبعض الذوات فربما يعمل محالفة أو تطمع نفسه في المملكة فيثير فتنة أو نحو ذلك. فأعجبه هذا الرأي وأجمع أنه بعد يومين يعقد مجلسًا عامًا ويفعل ما أشرت به عليه. ففرح القاضي بذلك فرحًا شديدًا وأثنى عليه. وإذا بصاحب الأمانة داخل عليهما فتمثل أمام القاضي وسلم. وقال: يا حضرة مولانا القاضي إن لي أمانة عندك وهي كذا وكذا سلمتها إليك في وقت كذا وكذا. فما أتم كلامه حتى قال له القاضي: نعم يا ولدي وأنا تذكرتك الليلة عند النوم وعرفتك وعرفت أمانتك فخذ هذا المفتاح واستلم أمانتك. فأخذها وسلم وانصرف. وانصرف ذلك الأمير أيضًا
1 / 62