الشَّافِعِينَ﴾ [المدثر: ٤٨]، وقال عنهم: ﴿فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ﴾ [الشعراء: ١٠٠]، وقال جلَّ وعلا: ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى﴾ [الأنبياء: ٢٨]، مع أنَّه قال في الكافر: ﴿وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ﴾ [الزمر: ٧]، فالشَّفاعة للكفار ممنوعة شرعًا بإجماع المسملين، ولم يقع في هذا استثناء البتة إلَّا شفاعة النَّبِيّ ﷺ لعمه أبي طالب؛ فإنَّها نفعته بأنْ نُقل بسببها من محلِّ من النَّار إلى محل أسهل منه، كما صحَّ عنه ﷺ أنَّه قال: "لعلهُ تنفعُهُ شفاعتي فيُجعل في ضَحْضَاحٍ من النَّارِ، يبلغُ كعبيه، له نعلانِ يغلي منهما دماغُهُ".
أمَّا غير هذا من الشفاعة للكفار فهو ممنوعٌ إجماعًا، وإنما نفعت شفاعة النَّبِيّ ﷺ عمَّه أَبا طالب في النَّقل من محلِّ من النَّارِ إلى محل آخر، والشفاعة المنفية الأخرى هي الشَّفاعة بدون إذن ربِّ السماوات والأرض فهذه ممنوعة بتاتًا بإجماع المسلمين، وبدلالة القرآن العظيم كقوله: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة: ٢٥٥].
وادِّعاء هذه الشفاعة شركٌ بالله وكُفْر به، كما قال جَلَّ وعلا: ﴿وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [يونس: ١٨]،