============================================================
المبحث الثاني (المحكم والمتشابه في القرآن العظيم قال شيخ الحنابلة في عصره ابن قدامة المقدسي (ت/ 620ه): "والقرآن يشتمل على الحقيقة والمجاز، وهو: اللفظ المستعمل في غير موضوعه الأصلي على وجه يصخ.
كقوله تعالى: وآخفض لهما جناح الذل )[الإسراء/24]، ( وسيل القرية) [يوسف/82]، جدارايريد أن ينقض [الكهف/277، أوجاء أحد منكم من الغآيط ) [النساء/243، وحزكڑا سيية سيية مثلها} [الشورى (240ا، فمن اعتدى عليكم فأغتد واعليه بمثل ما أعتدى عليك) [البقرة/194]، إن الذين يؤذوين الله } [الأحزاب /57]؛ أي: أولياء الله. وذلك كله مجاز، لأنه استعمال اللفظ في غير موضوعه، ومن منع ذلك فقد كابر، ومن سلم وقال: لا أسميه مجازا، فهو نزاع في عبارة لا فائدة في المشاحة فيه. والله أعلم"(1).
وكما أشار الإمام ابن قدامة المقدسي، فإن قوما قد أنكروا المجاز في القرآن وهم المجسمة الذين أنكروا تأويل التصوص التي زعموا أنها تفيد الجسمية!!
قال الإمام ابن تيمية في رد المجاز: "وقولهم: (اللفظ إن دل بلا قرينة فهو حقيقة وإن لم يدل إلا معها فهو مجاز) قد تبين بطلانه"(2).
وتبعه تلميذه ابن القيم وعد المجاز طاغوتا، فقال في كتابه "الضواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة": "فصل: في كسر الطاغوت الثالث، الذي وضعته الجهمية لتعطيل حقائق الأسماء والصفات، وهو طاغوت المجاز. هذا الطاغوت لهج به المتأخروث، والتجا إليه المعطلون، وجعلوه جنة يترسون بها من سهام الراشقين ويصدرون عن حقائق الوحي المبين.800(2).
وهذه محاولة فاشلة لإنكار المجاز من هذين الإمامين اللذين يأخذون بظواهر التصوص دون تأويل، لأنهما بطريقة أو بأخرى قد أثبتا المجاز في كتبهم، ومن ذلك قول ابن تيمية في فتاواه: "ل... والحياء شعبة من الإيمان"، فإن ما يدل مع الاقتران أولى باسم (1) ابن قدامة المقدسي، روضة الناظر وجنة الناظر (206/1 - 207).
(2) ابن تيمية، الإيمان (ص/95).
(3) انظر: ابن الموصلي، مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة لابن القيم (ص/285).
Page 124