(35)مجلس
قال: وكان قد جرى بيني وبين رجل من القرامطة كلام خاطبنى في إبطال الرسل عليهم السلام، فقال: يا أبا الحسين، جبريل هو: روح، والروح شيء خفي ليس يرى. قلت: جبريل ملك من الملائكة، والملائكة أولوا أجنحة، والجناح جسم والجسم يرى، وقد قال الله عز وجل فيه عليه السلام:{فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا} [مريم: 17]، وقال سبحانه: {وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين} [الشعراء: 192،193،194]، وقال سبحانه: {إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه} [النساء: 171]، وقال سبحانه في أبي البشر آدم عليه السلام: {فإذا سويته ونفخت فيه من روحي} [الحجر: 29].
فقال: لهذه تأويل وسكت. ثم قال لي: كيف كان محمد يأخذ الوحي من جبريل؟ قلت له: مشافهة، يقول له: أمرك ربك بكذا وكذا، نهاك عن كذا وكذا. قال : فجبريل كيف كان يأخذ؟ قلت: على هذا المعنى من ميكائيل عليهما السلام. قال: فميكائيل؟ قلت: وميكائيل من الملك الأعلى على هذا الوجه. قال: فالملك الأعلى؟ قلت: يقذف الله في قلبه جميع ما تعبد به خلقه من الأمر والنهي والحلال/48/ والحرام، ويقرره في صدره، ثم يأمر بتنفيذ ذلك من ملك إلى ملك، ثم تهبط به رسل الملائكة بما أعطاهم الملك الأعلى إلى رسل الإنس، ويبلغ ذلك رسل الإنس إلى أممهم من الجن والإنس. قال: فكذلك يقذف الله في قلب محمد صلى الله عليه.
Page 57