La Conception de la Méthode Scientifique
مفهوم المنهج العلمي
Genres
وإذ نستشهد كارل بوبر فقد دخلنا أنضر ساحات فلسفة العلم، الساحة المخولة قبل سواها بتعريف مفهوم المنهج العلمي ومعالجته، الموسومة باسم الميثودولوجيا. (3) المنهج العلمي في فلسفة العلوم
ننتهي الآن إلى حيث بدأنا في المقدمة، إلى أن جوهر مفهوم المنهج العلمي يتلخص في: أسلوب التفكير العلمي وطريقة سير العلماء في عملهم أو في بحوثهم، وسنرى الآن أن هذا أبعد ما يكون عن تحصيل الحاصل، كما قد يبدو للوهلة الأولى.
كما ذكرنا، جعلت الفلسفة/أم العلوم من «فلسفة العلوم» أهم فروع الفلسفة المعاصرة، والأكثر تجسيدا وتجريدا لروح العصر، الحاملة لأبرز الإشكاليات المعرفية الشاغلة في الحقبة الراهنة. وعلم مناهج البحث أو الميثودولوجيا؛ أي نظرية المنهج العلمي في صدر مباحث فلسفة العلوم، بل عمادها وعمودها الفقري.
ولا غرو أن يستقطب سؤال المنهج العلمي الفلسفة، وأن تكون الفلسفة هي الأقدر على طرحه. إن فلسفة العلوم بشكل ما امتداد لسؤال فلسفة المعرفة (الإبستمولوجيا) العريق، حول ماذا يمكن أن يعرف الإنسان، ما شروط المعرفة، وما طبيعتها ووسائلها؟ وما ممكناتها؟ وحين جاء القرن التاسع عشر كان قد استقام نسق العلم الحديث، عملاقا يتصدر بامتياز واقتدار مسيرة المعرفة الإنسانية، ويمثل حالة فريدة لنجاح المشروع المعرفي للإنسان، فأصبح سؤال الإبستمولوجيا الملح هو سؤال حول سر أو عوامل هذا النجاح. وبدت الإجابة تفرض نفسها على الفور في كلمة واحدة: المنهج العلمي، الذي هو تجريد وتجسيد لما يمكن اعتباره «العقيدة العلمية المركزية؛ أي التجريبية».
8
وهنا نشأت إرهاصات فلسفة العلوم، لتبحث في المنهج العلمي التجريبي ، كبحث في معامل ذلك النجاح اللافت وحيثياته ... في آلية التقدم المتوالي في هذا المشروع المعرفي المطرد النجاح: العلم الحديث. بدأت فلسفة العلوم تتشكل وتتحدد معالمها في إنجلترا وفرنسا خصوصا، مع بضعة إسهامات لاحقة من ألمانيا والنمسا، كمبحث تخصصي مستقل، وتوالت أدبياتها بوصفها نشاطا يهدف إلى تكوين معرفة بالمعرفة العلمية، أو نظرية عن النظرية العلمية من حيث آلياتها وطرائقها وأسلوبها ... من حيث منهجها العلمي.
وفي هذا الوقت نفسه - أواسط القرن التاسع عشر - تصاعد التساؤل حول أسس الرياضيات وطبيعتها وفروضها القبلية وبالتالي منهجها، وهو السؤال الذي أدى في العام 1847م إلى نشأة المنطق الرياضي أو المنطق الرمزي الحديث، على يد جورج بول
G. Boole (1815-1864م)، ليمثل قفزة عقلية نوعية، استوعبت المنطق الأرسطي التقليدي، وتجاوزته إلى منطق العلاقات والترميز الرياضي.
لقد اشتبكت الفلسفة بالمنهج العلمي، وهي تملك رصيدها الهائل وميراثها الضخم في قضية المنهج والمنهجية، وقضايا الاشتباك بين العقل والوجود، وسبل التفكير والاستدلال والانتقال من المعلوم إلى المجهول.
هكذا نشأت فلسفة العلم في القرن التاسع عشر، معنية بسؤال المنهج أو تدور حول الميثودولوجيا، وتحديدا حول قطبي المنهج العلمي التجريبي، وهما الفرض والملاحظة والعلاقة بينهما، وأيهما يؤدي إلى الآخر، وعادة ما يؤرخ لهذا بالمناظرات بين وليم ويول
Page inconnue