44

Les clés de l'invisible

مفاتيح الغيب

Maison d'édition

دار إحياء التراث العربي

Numéro d'édition

الثالثة

Année de publication

١٤٢٠ هـ

Lieu d'édition

بيروت

Genres

Tafsir
الإضمار قبل الذكر:
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: الْإِضْمَارُ قَبْلَ الذِّكْرِ عَلَى وُجُوهٍ: أَحُدُهَا: أَنْ يَحْصُلَ صُورَةً وَمَعْنًى، كَقَوْلِكَ ضَرَبَ غُلَامُهُ زَيْدًا وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّكَ رَفَعْتَ غُلَامَهُ بِضَرَبَ فَكَانَ وَاقِعًا مَوْقِعَهُ وَالشَّيْءُ إِذَا وَقَعَ مَوْقِعَهُ لَمْ تَجُزْ إِزَالَتُهُ عَنْهُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَتِ الْهَاءُ فِي قَوْلِكَ غُلَامُهُ ضَمِيرًا قَبْلَ الذِّكْرِ، وَأَمَّا قَوْلُ النَّابِغَةِ: -
جَزَى رَبُّهُ عَنِّي عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ ... جَزَاءَ الْكِلَابِ الْعَاوِيَاتِ وَقَدْ فَعَلْ
فَجَوَابُهُ: أَنَّ الْهَاءَ عَائِدَةٌ إِلَى مَذْكُورٍ مُتَقَدِّمٍ، وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: وَأَنَا أُجِيزُ أَنْ تَكُونَ الْهَاءُ فِي قَوْلِهِ رَبُّهُ عَائِدَةً عَلَى عَدِيٍّ خِلَافًا لِلْجَمَاعَةِ، ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامًا طَوِيلًا غَيْرَ مُلَخَّصٍ، وَأَقُولُ: الْأَوْلَى فِي تَقْرِيرِهِ أَنْ يُقَالَ: الْفِعْلُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ فِعْلٌ كَانَ غَنِيًّا عَنِ الْمَفْعُولِ لَكِنَّ الْفِعْلَ الْمُتَعَدِّيَ لَا يَسْتَغْنِي عَنِ الْمَفْعُولِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْفَاعِلَ هُوَ الْمُؤَثِّرُ، وَالْمَفْعُولَ هُوَ الْقَابِلُ، وَالْفِعْلُ مُفْتَقِرٌ إِلَيْهِمَا وَلَا تَقَدُّمَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْفَاعِلَ مُؤَثِّرٌ، وَالْمُؤَثِّرُ أَشْرَفُ مِنَ الْقَابِلِ، فَالْفَاعِلُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْمَفْعُولِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، لِأَنَّا بَيَّنَّا أَنَّ الْفِعْلَ الْمُتَعَدِّيَ مُفْتَقِرٌ إِلَى الْمُؤَثِّرِ وَإِلَى الْقَابِلِ مَعًا وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَكَمَا جَازَ تَقْدِيمُ الْفَاعِلِ عَلَى الْمَفْعُولِ وَجَبَ أَيْضًا جَوَازُ تَقْدِيمِ الْمَفْعُولِ عَلَى الْفَاعِلِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْمَفْعُولُ عَلَى الْفَاعِلِ فِي الصُّورَةِ لَا فِي الْمَعْنَى، وَهُوَ كَقَوْلِكَ ضَرَبَ غُلَامَهُ زَيْدٌ: فَغُلَامُهُ مَفْعُولٌ، وَزَيْدٌ فَاعِلٌ، وَمَرْتَبَةُ، الْمَفْعُولِ بَعْدَ مَرْتَبَةِ الْفَاعِلِ، إِلَّا أَنَّهُ وَإِنْ تَقَدَّمَ فِي اللَّفْظِ لَكِنَّهُ مُتَأَخِّرٌ فِي الْمَعْنَى.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ يَقَعَ فِي الْمَعْنَى لَا فِي الصُّورَةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ [الْبَقَرَةِ: ١٢٤] فَهَهُنَا الْإِضْمَارُ قَبْلَ الذِّكْرِ غَيْرُ حَاصِلٍ فِي الصُّورَةِ، لَكِنَّهُ حَاصِلٌ فِي الْمَعْنَى، لِأَنَّ الْفَاعِلَ مُقَدَّمٌ فِي الْمَعْنَى، وَمَتَى صَرَّحَ بِتَقْدِيمِهِ لَزِمَ الْإِضْمَارُ قَبْلَ الذكر.
إظهار الفاعل وإضماره:
المسألة الخامسة [إظهار الفاعل وإضماره]: الْفَاعِلُ قَدْ يَكُونُ مُظْهَرًا كَقَوْلِكَ ضَرَبَ زَيْدٌ، وَقَدْ يَكُونُ مُضْمَرًا بَارِزًا كَقَوْلِكَ ضَرَبْتُ وَضَرَبْنَا، وَمُضْمَرًا مُسْتَكِنًّا كَقَوْلِكَ زَيْدٌ ضَرَبَ، فَتَنْوِي فِي ضَرَبَ فَاعِلًا وَتَجْعَلُ الْجُمْلَةَ خَبَرًا عَنْ زَيْدٍ، وَمِنْ إِضْمَارِ الْفَاعِلِ قَوْلُكَ إِذَا كَانَ غَدًا فَأْتِنِي، أَيْ: إِذَا كَانَ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ غدا.
قد يحذف الفعل:
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: الْفِعْلُ قَدْ يَكُونُ مُضْمَرًا، يُقَالُ: مَنْ فَعَلَ؟ فَتَقُولُ: زَيْدٌ، وَالتَّقْدِيرُ فَعَلَ زَيْدٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ [التَّوْبَةِ: ٦] والتقدير وإن استجارك أحد من المشركين.
التنازع في العمل:
المسألة السابعة [التنازع في العمل]: إِذَا جَاءَ فِعْلَانِ مَعْطُوفًا أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَجَاءَ بَعْدَهُمَا اسْمٌ صَالِحٌ لِأَنْ يَكُونَ مَعْمُولًا لَهُمَا فَهَذَا عَلَى قِسْمَيْنِ، لِأَنَّ الْفِعْلَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَقْتَضِيَا عَمَلَيْنِ مُتَشَابِهَيْنِ، أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ

1 / 64