Les clés de l'invisible
مفاتيح الغيب
Maison d'édition
دار إحياء التراث العربي
Numéro d'édition
الثالثة
Année de publication
١٤٢٠ هـ
Lieu d'édition
بيروت
Genres
Tafsir
دَارٌ قَدِيمٌ إِذَا طَالَتْ مُدَّتُهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ [يس: ٣٩] وَقَالَ: إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ [يوسف: ٩٥] .
اسمه تعالى الأزلي:
الِاسْمُ الثَّانِي: الْأَزَلِيُّ، وَهَذَا اللَّفْظُ يُفِيدُ الِانْتِسَابَ إِلَى الْأَزَلِ، فَهَذَا يُوهِمُ أَنَّ الْأَزَلَ شَيْءٌ حَصَلَ ذَاتُ اللَّهِ فِيهِ، وَهَذَا بَاطِلٌ، إِذْ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَكَانَتْ ذَاتُ اللَّهِ مُفْتَقِرَةً إِلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ وَمُحْتَاجَةً إِلَيْهِ، وَهُوَ مُحَالٌ، بَلِ الْمُرَادُ وُجُودٌ لَا أَوَّلَ لَهُ ألبتة.
عدم أوليته تعالى:
الِاسْمُ الثَّالِثُ: قَوْلُنَا لَا أَوَّلَ لَهُ، وَهَذَا اللَّفْظُ صَرِيحٌ فِي الْمَقْصُودِ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ قَوْلَنَا لَا أَوَّلَ لَهُ صِفَةٌ ثُبُوتِيَّةٌ أَوْ عَدَمِيَّةٌ، قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ قَوْلَنَا لَا أَوَّلَ لَهُ إِشَارَةٌ إِلَى نَفْيِ الْعَدَمِ السَّابِقِ وَنَفْيُ النَّفْيِ إِثْبَاتٌ، فَقَوْلُنَا لَا أَوَّلَ لَهُ وَإِنْ كَانَ بِحَسَبِ اللَّفْظِ عَدَمًا إِلَّا أَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ ثُبُوتٌ، وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّهُ مَفْهُومٌ عَدَمِيٌّ، لِأَنَّهُ نُفِيَ لِكَوْنِ الشَّيْءِ مَسْبُوقًا بِالْعَدَمِ، وَفَرْقٌ بَيْنَ الْعَدَمِ وَبَيْنَ كَوْنِهِ مَسْبُوقًا بِالْعَدَمِ، فَكَوْنُهُ مَسْبُوقًا بِالْعَدَمِ كَيْفِيَّةٌ ثُبُوتِيَّةٌ، فَقَوْلُنَا لَا أَوَّلَ لَهُ سَلْبٌ لِتِلْكَ الْكَيْفِيَّةِ الثُّبُوتِيَّةِ، فَكَانَ قَوْلُنَا لَا أَوَّلَ مَفْهُومًا عَدَمِيًّا، وَأَجَابَ الْأَوَّلُونَ عَنْهُ بِأَنَّ كَوْنَهُ مَسْبُوقًا بِالْعَدَمِ لَوْ كَانَ كَيْفِيَّةً وُجُودِيَّةً زَائِدَةً عَلَى ذَاتِهِ لَكَانَتْ تِلْكَ الْكَيْفِيَّةُ الزَّائِدَةُ حَادِثَةً، فَكَانَتْ مَسْبُوقَةً بِالْعَدَمِ، فَكَانَ كَوْنُهَا كَذَلِكَ صِفَةً أُخْرَى، وَلَزِمَ التَّسَلْسُلُ، وَهُوَ مُحَالٌ.
اسمه تعالى الأبدي والسرمدي:
الِاسْمُ الرَّابِعُ: الْأَبَدِيُّ، وَهُوَ يُفِيدُ الدَّوَامَ بِحَسَبِ الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ.
الِاسْمُ الْخَامِسُ: السَّرْمَدِيُّ، وَاشْتِقَاقُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ مِنَ السَّرْدِ، وَهُوَ التَّوَالِي وَالتَّعَاقُبُ،
قَالَ ﵊ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ: «وَاحِدٌ فَرْدٌ وَثَلَاثَةٌ سَرْدٌ»
أَيْ: مُتَعَاقِبَةٌ، وَلَمَّا كَانَ الزَّمَانُ إِنَّمَا يَبْقَى بِسَبَبِ تَعَاقُبِ أَجْزَائِهِ وَتَلَاحُقِ أَبْعَاضِهِ وَكَانَ ذَلِكَ التَّعَاقُبُ وَالتَّلَاحُقُ مُسَمًّى بِالسَّرْدِ أَدْخَلُوا عَلَيْهِ الْمِيمَ الزَّائِدَةَ لِيُفِيدَ الْمُبَالَغَةَ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى.
إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ: الْأَصْلُ فِي لَفْظِ السَّرْمَدِ أَنْ لَا يَقَعَ إِلَّا عَلَى الشَّيْءِ الَّذِي تَحْدُثُ أَجْزَاؤُهُ بَعْضُهَا عَقِيبَ الْبَعْضِ، وَلَمَّا كَانَ هَذَا الْمَعْنَى فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مُحَالًا كَانَ إِطْلَاقُ لَفْظِ السَّرْمَدِيِّ عَلَيْهِ مَجَازًا، فَإِنْ وَرَدَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أطلقناه وإلا فلا.
المستمر:
الِاسْمُ السَّادِسُ: الْمُسْتَمِرُّ، وَهَذَا بِنَاءُ الِاسْتِفْعَالِ، وَأَصْلُهُ الْمُرُورُ وَالذَّهَابُ، وَلَمَّا كَانَ بَقَاءُ الزَّمَانِ بِسَبَبِ مُرُورِ أَجْزَائِهِ بَعْضِهَا عَقِيبَ الْبَعْضِ لَا جَرَمَ أطلقوا المستمر، وإلا أَنَّ هَذَا إِنَّمَا يَصْدُقُ فِي حَقِّ الزَّمَانِ، أَمَّا فِي حَقِّ اللَّهِ فَهُوَ مُحَالٌ، لِأَنَّهُ بَاقٍ بِحَسَبِ ذَاتِهِ الْمُعَيَّنَةِ لَا بِحَسَبِ تَلَاحُقِ أَبْعَاضِهِ وَأَجْزَائِهِ.
الِاسْمُ السَّابِعُ: الْمُمْتَدُّ وَسُمِّيَتِ الْمُدَّةُ مُدَّةً لِأَنَّهَا تَمْتَدُّ بِحَسَبِ تَلَاحُقِ أَجْزَائِهَا وَتَعَاقُبِ أَبْعَاضِهَا فَيَكُونُ قَوْلُنَا فِي الشَّيْءِ، إِنَّهُ امْتَدَّ وُجُودُهُ إِنَّمَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الزَّمَانِ وَالزَّمَانِيَّاتِ، أَمَّا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَعَلَى الْمَجَازِ.
1 / 121