12
ولا «ما»
13
ولا «ذلك»، وربما أوهمتنا أداة التعريف «ال» - التي تضاف إلى لفظة الواحد - أنه شيء محدد، ولكن الواحد ليس كأي شيء، فلا هو موضوع ولا هو ذات، ولا هو موجود نصفه فنقول عنه: إنه واحد؛ ذلك أن كل موجود فهو ذو شكل، وهو بهذه الصفة محدود معين. أما الواحد باعتباره «الآخر» المختلف عن كل ما هو موجود فهو حقيقة لا شكل لها ولا سبيل إلى تحديدها أو التعبير عنها.
لا بد إذن أن نقول: إن الواحد لا يسمى ولا يوصف؛ ذلك لأن كل اسم أو وصف إنما يطلق على شيء ما، ولو شئنا الدقة لما جاز أن نسميه «بالواحد»، ولو أن هذه التسمية هي أنسبها جميعا في رأي أفلوطين، إن كان لا بد لنا من الاختيار،
14
بل ولا أن نسميه بذلك
15
وهي أكثر أسماء الإشارة نصيبا من الاتساع وعدم التحديد، ولو سرنا في هذا الطريق الديالكتيكي إلى آخره؛ لتبين لنا أن الواحد لا هو كثير ولا هو غير كثير، وأن كل ما نصفه به فإنما يلغي نفسه بنفسه؛ إذ أين نجد الكلمة التي تستطيع أن تعبر عما لا سبيل إلى التعبير عنه، أو تسمى التجربة التي تحار أمامها الأسماء؟
هل نكون بهذا كله قد ضللنا في متاهة جدلية لا مخرج منها؟ ألا يمكن أن تؤدي بنا هذه التأملات أو الشطحات إلى العدم أو ما يشبه العدم؟ ومن أين لعقلنا الطبيعي المحدود بهذا العالم أن يجد الجناحين اللذين يرفرفان به إلى ما ليس من هذا العالم؟
Page inconnue