العقد الثَّانِي
فِي السَّبَب الَّذِي لأَجله اخْتَار كثير من كبار الْعلمَاء مَذْهَب الإِمَام أَحْمد على مَذْهَب غَيره
هَذَا العقد لَهُ مدْخل عَظِيم لمن يُرِيد التمذهب بِمذهب أَحْمد وَمَا ذَلِك إِلَّا لِأَن الدَّاخِل على بَصِيرَة فِي شَيْء أَعقل من الدَّاخِل فِيهِ على غير بَصِيرَة وَأبْعد عَن التعصب والتقليد الْمَحْض وكل إِنْسَان يخْتَار لمطعمه وملبسه وحوائجه الضرورية فلإن يخْتَار ويحتاط لدينِهِ أولى وَلما كَانَ الْمُقَلّد لَا رَأْي لَهُ وَلَا تَرْجِيح وَإِنَّمَا نصِيبه من الْعلم أَن يَقُول قَالُوا فَقُلْنَا أثبتنا لَهُ هَذَا العقد ليزين بِهِ ونصبنا لَهُ هَذَا السّلم أملا بِأَنَّهُ إِن ترك التعصب الذميم وَالْجهل الْمركب ارْتقى قَلِيلا إِلَى دَرَجَات أَوَائِل الْعلم ولاح لَهُ لمعان من نور الْهدى فيجره اخْتِيَار الْمَذْهَب إِلَى اخْتِيَار بعض الْفُرُوع بِالدَّلِيلِ والبرهان فَيكون حِينَئِذٍ من المفلحين ويتزحزح عَن نَار الْغَفْلَة والتقليد الْأَعْمَى المذموم على لِسَان كل عَاقل لَهُ قلب أَو ألْقى السّمع وَهُوَ شَهِيد
وَإِلَيْك بَيَان مَا نوهنا بِهِ وأشرنا إِلَيْهِ
قَالَ الإِمَام الْحَافِظ أَبُو الْفرج عبد الرَّحْمَن ابْن الْجَوْزِيّ أحد الْمُجْتَهدين فِي مَذْهَب أَحْمد فِي كتاب المناقب فِي الْبَاب السَّابِع وَالتسْعين مِنْهُ اعْلَم وفقك الله أَنه مِمَّا يتَبَيَّن الصَّوَاب فِي الْأُمُور
1 / 103