خمسين عاما ساس شعب الله في
طرق الهداية سالما دون الخطر
لما توفي قلت في تأريخه
حبر مجيد بالقداسة مشتهر
وفي هذه السنة أرسل يوسف باشا كنج والي دمشق يستنجد سليمان باشا والي عكاء لمقاتلة الأمير عبد الله بن سعود الوهابي الذي زحف بجنوده الجرارة من الحجاز إلى الشام، فاستصرخ سليمان باشا الأمير بشير الشهابي الكبير، فجمع هذا خمسة وعشرين ألف مقاتل من اللبنانيين البواسل، وبينهم عدد غفير من زحلة وبلاد بعلبك والبقاع، فسار بهم إلى طبرية، فالتقى بعسكر سليمان باشا بحفلة عظيمة، وانضم إليه ونصب له نحو أربعمائة خيمة، فتداولا بشأن يوسف باشا وسعيه في أخذ الأراضي التي للأمير بشير في بقاع العزيز. ثم أراه الوزير التقليد (الفرمان) بإسناد ولاية الشام إليه وعزل يوسف باشا واليها ومحاربته إذا عصى، فرغب الأمير في الحرب ليرفع تعدي الوزير عن أملاكه في البقاع، فارتدا بعساكرهما إلى جهة دمشق وخيما في ضواحيها في جديدة عرطوز ودارية. وكان يوسف باشا قد ذهب بعساكره إلى المزيريب في حوران لمقاتلة الوهابيين الذين كسرهم وأركنوا إلى الفرار، فلما بلغه ذلك عاد إلى دمشق مسرعا. وخرج بعسكره لمحاربة سليمان باشا، وحدثت موقعة في قرية قطنا والجديدة كما مرت الإشارة إلى ذلك من هذا التاريخ، وبقيت نحو ثلاث ساعات اندحر فيها والي الشام ببعض رجاله إلى طرابلس ومنها إلى مصر مستنجدا بمحمد علي واليها. فدخل دمشق سليمان باشا والأمير بشير برجالهما الأشداء بحفاوة وإكرام، وكان عسكر الزحليين قد أبلى بلاء حسنا، فنال التفاتا من الوزير والأمير. وقد نظم المعلم نقولا الترك شاعر الأمير قصيدة في هذه الموقعة، قال فيها يذكر هجوم الأمير بشير برجاله وكان يكنى «أبا سعدي»:
وسار الأمير المنتخي في عساكر
غدا النصر يسري معهم أينما سروا
وصف خيام الجيش من حول جلق
وعد لخوض النقع عمر وعنتر
فأشعر والي أمرها في مصابه
Page inconnue