Les Épîtres de al-Jahiz

Al-Jahiz d. 255 AH
3

Les Épîtres de al-Jahiz

رسائل الجاحظ

Chercheur

عبد السلام محمد هارون

Maison d'édition

مكتبة الخانجي، القاهرة

Année de publication

1384 ه - 1964 م

فزعموا أن جميع المعارف سبيلها سبيل واحد، ووجوه دلائلها وعللها متساوية، إلا ما وجد الحواس بغتة، وورد على النفوس في حال عجز أو غفلة، وكان هو القاهر، للحاسة، والمستولي على القوة، من غير أن يكون من البصر فتح، ومن السمع إصغاء ومن الأنف شم، ومن الفم ذوق ومن البشرة مس، فإن ذلك الوجود فعل الله دون الإنسان، على ما طبع عليه البشر، وركب عليه الخلق.

قالوا: فإذا كان درك الحواس الخمس إذا تقدمته الأسباب، وأوجبته العلل فعل المتقدم فيه والموجب له، ودرك الحواس أصل المعارف، وهو المستشهد على الغائب، والدليل على الخفي، وبقدر صحته تصح المعارف، وبقدر فساده تفسد فالذي تستخرجه الأذهان منه، وتستشهده عليه، كعلم التوحيد، والتعديل والتجوير، وغامض التأويل، وكل ما أظهرته العقول بالبحث، وأدركته النفوس بالفكر من كل علم، وصناعة الحساب والهندسة، والصياغة والفلاحة أجدر أن يكون فعله والمنسوب إلى كسبه.

Page 48