Les batailles des Arabes en Andalousie
معارك العرب في الأندلس
Genres
وما زال الإسبانيون يشددون الحصار على بلش حتى طلب أهلها الأمان، ودانت لهم جميع البلاد بشرقي مالقة إلا جبل فارة (Gibralfars)
حصن مالقة المنيع، فإنه لبث يدعو للزغل ويدافع الأعداء متمردا، ومالقة أعظم فرضة تجارية حربية على باب المضيق، تأتيها الإمدادات من المغرب، تنزل بها ثم تنتقل إلى غرناطة.
فكان من المعقول أن يوجه إليها فردينان حملته ويفرغ منها قبل مهاجمة العاصمة ليقطع الصلة بينها وبين العدوة المغربية، فسير إليها جيشا بريا وأسطولا بحريا يضربان عليها نطاقا عسيرا، فقاتل أهلها قتالا مجيدا، وسلط الحصن مدافعه على البر والبحر، فمني الإسبانيون بخسائر جسيمة.
غير أنهم لم يحجموا عنها، ولا فتر لهم نشاط، بل لبثوا يقتحمون إليها المخاطر حتى دخلوا أرباضها وضيقوا دائرة الحصار وصاروا يقذفون عليها قنابلهم من مسافات قريبة ، فيدمرون الحصون والمنازل.
فصبرت مالقة صبر الكرام على التقتيل والتخريب، وانقطاع الأمل من مساعدة سلاطين المغرب إلى أن فني ما عندها من الطعام وأكلت الخيل والحمير؛ فعضها الجوع المرير، وغلب عليها اليأس القاتل، فاضطرت مكرهة إلى الاستخذاء بعد منعتها، فدخلها المسيحيون في آب 1487م/شعبان 892ه وسقط في أيديهم حصنها المريد.
وتابع فردينان غاراته كل سنة، فكان يفتتح المدن والقلاع وهو يظهر الصداقة لأبي عبد الله صاحب الحمراء، ويدعي مناصرته على عمه ومنافسه في الملك، وإنما وكده أن يعزل غرناطة عن جميع المدن والولايات الإسلامية؛ فيسهل عليه امتلاكها إذا حاصرها، ويحول دون وصول النجدات إليها.
ولا يخفى ما في هذه الخطة من دهاء وحسن تدبير، فلما كانت سنة 1489م/894ه، نهض بجيشه إلى بسطة يريد انتزاعها من الزغل، فحشد السلطان الجيوش من وادي آش وألمرية والمنكب والبشرات، فوقعت بينهم معارك كثيرة كان النصر فيها للإسبانيين، وتضايق أهل بسطة من الحصار والجوع، فطلبوا الأمان، وخضع الزغل لفردينان وبايع له على أن يبقى تحت طاعته.
فدخل الإسبان بسطة في كانون الأول 1489م/محرم 895ه وأقاموا في كل قلعة قائدا مسيحيا، ودانت لهم وادي آش والمنكب وألمرية، وتم لفردينان ما أراده، ولم يبق خارجا عن حكمه سوى غرناطة وقراها وجبال البشرات، فعندئذ تبدلت سياسته نحو صاحب الحمراء ؛ فأظهر الميل لأبي عبد الله الزغل، ودعا الناس إلى الالتفاف حوله، وبذل المال لبعض القواد المسلمين فباعوه ضمائرهم، وجعلوا رجالهم في خدمته توفيرا لرجاله.
فسقطت أمام وجهه جميع الحواجز التي كانت تعوق زحفه إلى غرناطة، فكتب إلى صاحبها يستنزله عنها، واعدا إياه بأن يضعه تحت حمايته، ويعطيه مالا جزيلا، ولكنه لم ينتظر الجواب، بل دلف إليه بعساكره لينجز الأمر سريعا.
فجمع أبو عبد الله أعيان المدينة وقوادها، ومندوبين من عامة الشعب، وأطلعهم على كتاب فردينان، طالبا منهم أن يبدوا آراءهم في الجواب عليه، فإما أن يرغبوا في الجهاد والدفاع عن دينهم واستقلالهم، وإما أن ينزلوا على حكم المسيحيين.
Page inconnue