Les batailles des Arabes en Andalousie
معارك العرب في الأندلس
Genres
وكان السلطان أبو الحسن قد استفزهما للجهاد في اعتدائه على الزهراء سنة 1478، وهي تابعة لملكة قشتالة، فحرضت بعلها على تجريد حملة صليبية، لا تنثني إلا بإخراج المسلمين من الأندلس، فتم تجهيزها سنة 1482م/887ه فراحت توالي الغارات على مملكة غرناطة، تفتتحها بلدا إثر بلد، وتستنزل الحصون أو تقذفها بالمدافع.
وفي هذه السنة فرت عائشة من الحمراء، ومعها ولداها أبو عبد الله محمد وأبو الحجاج يوسف، خوفا من زوجها أن يفتك بهم نزولا على رغبة حظيته الإسبانية، فقصدوا إلى وادي آش يستثيرون الشعب، وهو في حملته ناقم على أبي الحسن يمقت استهتاره وقعوده، فمد إليهم يده وبايع أبا عبد الله خالعا أباه، ثم قامت ألمرية وبسطة وغرناطة بدعوة السلطان الجديد؛ فهرب أبو الحسن إلى مالقة ملتجئا إلى أخيه الزغل، فاعصوصب الشر بين حزب أبي عبد الله وحزب أبي الحسن، وفيهم الثغريون (سكان الثغر) وبنو سراج.
فقد انتصر الأولون لأبي الحسن، والآخرون لأبي عبد الله؛ فكانوا يقتتلون في الشوارع والطرق حتى تركوا الفوضى منتشرة في البلاد، وتزعم الرواية العربية أن أبا عبد الله نكب بني سراج وأفناهم، على أن المستشرقين أوغست مولر وكليمان هيوار يضيفان هذه النكبة - إن صحت أخبارها - إلى أبي الحسن؛ لأن بني سراج كانوا خصومه وأنصار ولده، فلا يعقل أن ينكبهم أبو عبد الله، ولعل الرواية العربية تخلط بينه وبين عمه أبي عبد الله الزغل، وعلى حوادث هذه النكبة بنى شاتوبريان قصته: آخر بني سراج.
وما زالت الحرب دائرة بين الابن وأبيه حتى رجحت كفة الولد، فأقام سريره في غرناطة، وأطاعته البلاد إلا مالقة والناحية الغربية.
وفي سنة 1483م/888ه قصد المسيحيون مالقة وبلش (Velez)
في نحو ثمانية آلاف، وكان السلطان أبو الحسن قد أناخ على نواحي المنكب لمقاتلة ولده، فالتقاه أبو عبد الله في جند غرناطة والجهة الشرقية فهزمه، في حين كان الزغل يقاوم الجيوش الإسبانية في مالقة، ويردها خاسرة.
فلما بلغ أبا عبد الله أن عمه الزغل انتصر على الإسبانيين في مالقة، أحب أن يكون له قسط من الجهاد الوطني والديني؛ فحشد عساكره وخرج غازيا، فتجمع عليه الإسبان في الجبال والأوعار، فكسروه وأخذوه أسيرا بعد أن قتلوا من الجيش خلقا عظيما، فأجمع أمراء غرناطة وأعيان الأندلس على إرجاع والده أبي الحسن، فذهبوا إلى مالقة وبايعوه.
وكان قد ذهب بصره على أثر مرض يشبه الصرع أصابه، فرفض أن يقوم بأعباء الملك وهو على هذه الحال، وأشار عليهم بأن يبايعوا أخاه أبا عبد الله الزغل؛ فبايعه الأندلسيون وقدموا له الطاعة، وانتقل أبو الحسن إلى المنكب فأقام بها إلى أن مات.
وأغار المسيحيون سنة 1485م/890ه على غربي مالقة فدخل أهلها في طاعتهم، وحاصروا بعدها رندة (Ronda)
فهدموا أسوارها بمدافعهم، وما انفكوا يضيقون عليها حتى طلب أهلها الأمان مستسلمين.
Page inconnue