Les batailles des Arabes en Andalousie
معارك العرب في الأندلس
Genres
والمراد به الرئيس الموكول إليه أمر الغارات على فحوص الأعداء وانتساف زروعها، غير أن حياته في القصر لم يكن من شأنها أن تمنحه الشهرة التي أعدتها له الأقدار مع كثرة الحروب التي شهدها في عهد مليكه.
ثم اغتيل شانجه في حصار زمورة (Zamora)
الثائرة عليه سنة 1072م، واتهم بمقتله أخوه ألفنس؛ وكان هذا قد نفاه من شانجه إلى طليطلة؛ فرجع إلى مملكته لاون واعتلى عرشها، وأراد أن يضم إليه قشتالة نصيب أخيه المقتول؛ فتمنع القشتاليون عن مبايعته أو يقسم على براءته من دم أخيه، فرضي ألفنس، وذهب في جماعة من أشراف قشتالة إلى كنيسة شانتا غادية (Gadia)
في برغش لتأدية اليمين؛ فلم يجرؤ أحد منهم على تحليفه سوى الكونت رذريق؛ فحقد عليه، ولكنه كان يتقي جانبه لما يعلم من بطشه ودهائه، فآثر أن يأخذه باللين على أن يجاهره العداء، وإن تكن هذه الظواهر لا تخدع الفارس الذكي فتزيل من نفسه الريبة بعاهله الجديد؛ فقد رأى خيرا له أن يتخلى عن منصبه في الجيش، ويترك القصر دون أن يخرج عن طاعة ألفنس، أو يقطع صلة التابع بالمتبوع.
وكان لألفنس ابنة عم يقال لها الدونا ليمانا دياز، وتعرف بشيمانة، وهي بنت دياغو بن رذريق كونت أوفيادو؛ وحفيدة ألفنس الخامس ملك لاون، فشاء أن يزوجها برذريق؛ ليجمع بهما أشراف لاون وقشتالة، ويزيل ما بين البلدين من العداء.
فقبل الفارس القشتالي عروسه اللاونية من يد مليكه بعامل السياسة، لا بدافع الحب الذي يصوره كورناي في مسرحيته، ويجعل منه صراعا عنيفا بين العاطفة والواجب في نفس البطل العاشق، ثم في نفس معشوقته، فوالد شيمانة لم يلطم والد السيد، وهذا لقي حتفه من عهد بعيد، ولا رذريق اضطر إلى قتل والد شيمانة، وإنما تم الزواج بينهما في جو هادئ، لا تلوح فيه بارقة وجد، ولا عاصفة التياع، وهذا لا يمنع أن يكون الزوجان تبادلا المودة والإخلاص مع طول الألفة، كما يحصل عادة بين الرجل والمرأة إذا اقترنا وقلباهما خليان من حب أو كره.
غير أن هذا الزواج لم يعد إلى رذريق سابق حظوته في القصر، فما لبث أن رجع وشيمانة إلى قريته بيغار لا يخرج منها إلا إذا دعاه أميره لبعض المهمات.
وكان ألفنس يوفد كل سنة بعثة إلى طليطلة وإشبيلية، لاستئداء الجزية من الدولتين الإسلاميتين، فأوفد السيد إلى إشبيلية في أواخر سنة 1079م ليأخذ الجزية من صاحبها المعتمد بن عباد، فلما بلغها رأى الحرب دائرة بينها وبين الغرناطيين، وعلى غرناطة يومئذ الأمير عبد الله بن باديس بن زيري، وقد أمده ألفنس بنجدة من الفرسان الإسبانيين تنصره على المعتمد؛ لأنه لم يكن مطمئن النفس إليه؛ لانبساط ملكه بين ملوك الطوائف، وطمعه في التوسع، وكان قائد الحملة الإسبانية الكونت غرسيه أوردونه عدو رذريق ومنافسه، فخاض السيد المعركة بجانب الإشبيليين محتجا بأنهم حلفاء مليكه ألفنس.
فهزم العساكر الغرناطية، وأسر جماعة من الأشراف المسيحيين بينهم غرسيه، ولم يطلق سراحهم إلا بعد ثلاثة أيام، فقفلوا إلى بلادهم مذلولين منكسي الرءوس، وتقاضى رذريق الجزية من ابن عباد، وحملها إلى قشتالة سنة 1080م.
فغير عجيب أن يكون له من غرسيه وأعوانه خصوم يناصبونه العداء، ويكايدونه في السر والعلانية حتى أوغروا صدر ألفنس عليه، فبات يتحين الفرص للنيل منه، وإضعاف شأنه، فاتفق أن أغار السيد على طليطلة دون استئذان سيده، فأثخن وأوجع، وعاد بالأسرى والغنائم، فثار ثائر الأشراف القشتاليين لاستقلاله بالأمر، وصغى إليهم ألفنس، وبدا له أن يطرده من أراضي قشتالة، ففتحت له أبواب المجد في منفاه.
Page inconnue