Macarij Amal
معارج الآمال لنور الدين السالمي- حسب الكتب
Genres
قلت: ولعل وجه الترخيص أن ماء الاستنجاء طاهر، ووجه المنع إنما هو لخوف تنجيسه، وقد تقدم أن تنجيس علف الدواب لا يصح لحديث «نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن الاستنجاء بالروث؛ لأنها علف دواب إخواننا من الجن»، وليحذر ما يلحقه من الماء ما دام النجس لم ينزع، وينبغي أن يكون استنجاءه حيث الستر، وحيث لا يمر عليه أحد إن أمكنه، وإلا فليشتمل في ثيابه ويوسع على نفسه، والله أعلم.
الفرع الثالث: في حد الاستنجاء:
ولا حد له على الصحيح إلا الإنقاء؛ لأنه إنما شرع لتنظيف ذلك الموضع من النجس، وإذا كان النجس قائما فالخطاب بإزالته باق، والله أعلم.
وقد ذكرت عن أصحابنا -رحمهم الله /200/ تعالى- للاستنجاء حدود:
الحد الأول: قال محمد بن جعفر: رفع لنا الثقة عن موسى بن علي -رحمه الله- أنه قال: الاستنجاء من الغائط عشر مرار.
قال أبو محمد: الذي ذكره عن موسى بن علي لا نحفظه ولا عن ثقة رفعه إلينا. قال: وهذا يدل على إغفال صاحبه عن وجه التعبد بطهارة النجاسة، وتبعه في رد هذا القول الشيخ عامر في الإيضاح.
لكن لكلام الشيخ موسى -رحمه الله- وجه في الحق، وذلك أن يقال: إنه لم يجعل العشر حدا لا يزاد عليها ولا ينقص منها، وإنما جعلها بيانا لطهارة غالب الناس، فإنه في الغالب أن من مسح عشر مرار نظف، فيحمل كلام أبي علي -رحمة الله عليه- على هذا الوجه، فلا يكون حدا محدودا، وإنما هو بيان غالب الأحوال.
Page 138