194

Macarij Amal

معارج الآمال لنور الدين السالمي- حسب الكتب

وروي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: «اختتن إبراهيم وهو ابن عشرين ومائة سنة، ثم عاش بعد ذلك ثمانين سنة»، وإنما اختتن إبراهيم - عليه السلام - في ذلك الوقت؛ لأنه لم يتعبد قبل ذلك الوقت بالختان، وإنما أمر بالختان في ذلك الوقت، فاختتن بنفسه وختن ولديه، وفي تختينه ابنه إسحاق وهو ابن ثمانية أيام، وابنه إسماعيل وهو ابن سبع عشرة سنة، دليل على أنه ليس للختان وقت محدود بل يصح أن يفعل قبل البلوغ وبعده. وروي أن الصحابة كانوا في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يختنون أكثر أولادهم حتى يبلغوا الحلم، فإن صح ذلك فوجهه أن الختان لا يلزم قبل البلوغ، وإنما يلزم بعده كما صرح به أبو سعيد في الاستقامة.

ولكن ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه «أمر بتعليم الصبي الصلاة وهو ابن سبع سنين، وبضربه على تركها وهو ابن عشر سنين» يخالف معنى الحديث، فإن الصلاة لا تكون إلا من مختتن، ولا معنى لضربه على ترك الصلاة وهو غير مختتن كما أنه لا يصلي إلا وهو متوضئ.

وعن ابن عمر أنه كان يقول: "ولد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مختونا مسرورا"، وذلك كرامة له - صلى الله عليه وسلم - ، فيؤخذ منه أن من ولد مختونا فلا يجب تختينه؛ لأن الغرض هو إزالة تلك الجلدة الماسكة للنجس، المانعة للطهارة /104/ حتى أنها لو نبتت مرة ثانية وجب إزالتها مرة ثانية كما صرح به الأثر، وعلى ذلك فيجب تكرار الختان على من تكرر عليه نبات الجلدة، والله أعلم.

Page 195