188

Macarij Amal

معارج الآمال لنور الدين السالمي- حسب الكتب

وأما المسألة فللناس فيها مذاهب:

- ذهب قوم وهم أكثر أصحاب أبي حنيفة وأبو حامد الإسفراييني /100/ إلى أنهم غير مكلفين بها، إذ لا يصح تكليفهم بها؛ لأنها لا تصح منهم وهم مشركون، فيكون تكليفهم بها تكليفا بما لا يطاق.

- وذهب أكثر المعتزلة وأكثر الحنفية وأكثر الشافعية إلى أنهم مخاطبون بأدائها ولم تصح منهم شرعا.

- وقيل: بل مخاطبون في حال كفرهم بالنواهي فقط، أي: بتحريم المحرمات الشرعية، كالربا وشرب الخمر، لإمكان تركهم إياها حال الكفر دون الأوامر لتعذر امتثالهم حال الكفر لأنهم مأمورون أن يأتوا بها لوجوبها، وهم لا يعلمون وجوبها مع جحد الشريعة، فلا يصح إتيانهم بها على ما أمروا، وبعد إسلامهم قد سقطت فلا وجوب لها، فثبت أنهم إن أمروا بها حال كفرهم استحال منهم الامتثال لما أمروا به.

ورد: بأنهم عندنا مخاطبون بها وبشرطها وهو الإيمان، فخاطبهم بها كخطاب المحدث بالصلاة فإنه أمر بها وبشروطها وهو الوضوء قبلها، فكما يصح أن يخاطب بالصلاة من لا تصح منه حال الخطاب كذلك ما نحن فيه.

واعترض: بأن المحدث يمكنه امتثال ما أمر به بأن يتوضأ ثم يأتي بالصلاة، بخلاف الكافر، فإنه لا يمكنه امتثال ما أمر به في حال من الأحوال؛ لأنه قبل إسلامه لا يمكنه أن يأتي به على حد ما أمر به من القربة، وبعد إسلامه قد سقطت فلم يمكنه امتثال في حال من الأحوال، فوجب أن لا يحكم عليه بوجوب ما لا يمكنه الإتيان به على نحو ما أمر به في حال من الأحوال، إذ في ذلك تكليف ما لا يطاق.

Page 189