وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ السَّكَنْدِيُّ، قَالَ: ح مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْعَدَوِيُّ قَالَ: ح ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَضْعَفُ قُلُوبًا، وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً، وَالْفِقْهُ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ» وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ إِجَابَةُ الْكَثِيرِ مِنْهُمُ الْأَسْوَدَ الْعَبْسِيَّ، وَطَلْحَةَ الْأَسَدِيَّ لَمَّا تَنَبَّآ بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ فَذَلِكَ لِرِقَّةِ أَفْئِدَتِهِمْ، وَضَعْفِ رُؤْيَةِ أَفْئِدَتِهِمْ؛ لِأَنَّ الْفُؤَادَ عَيْنُ الْقَلْبِ، لَمَّا ضَعُفَ إِبْصَارُ قُلُوبِهِمْ لَمْ يُشَاهِدُوا مَا أَجَابُوا إِلَيْهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ مِنْ صِحَّةِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ فَلَمَّا دَعَاهُمْ غَيْرُهُ أَجَابُوهُ، وَهَذِهِ صِفَةُ عَوَامِّهِمْ، فَأَمَّا خَوَاصُّهُمْ فَرَقَّتْ أَفْئِدَتُهُمْ فَنَفَذَتْ فِي خِلَالِ الْحُجُبِ فَخَرَقَتْهَا فَشَاهَدَتِ الْعُيُوبَ فَقَوِيَ إِيمَانُهُمْ فَثَبَتُوا عَلَيْهِ. قَوْلُهُ ﷺ: «رَأْسُ الْكُفْرِ قِبَلَ الْمَشْرِقِ» يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ فِيهِ كُفْرَ النِّعْمَةِ، لَا كُفْرَ الْجُحُودِ، وَذَلِكَ أَنَّ أَكْثَرَ الْفِتَنِ الَّتِي كَانَتْ فِي الْإِسْلَامِ ظَهَرَتْ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ، وَهُوَ الْعِرَاقُ وَمَا وَرَاءَهُ، فَإِنَّ الْجَمَلَ وَهُوَ أَعْظَمُ الْفِتَنِ الَّتِي كَانَتْ فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ ﵁ كَانَ بِالْعِرَاقِ، وَكَذَلِكَ الصِّفِينَ وَالنَّهْرَوَانَ، وَقَتْلَ الْحُسَيْنِ ﵁ بِالْعِرَاقِ، وَفِيهَا كَانَتْ فِتْنَةُ ابْنِ الزُّبَيْرِ تِسْعَ سِنِينَ، وَفِتْنَةُ الْجَمَاجِمِ، قَالُوا: قُتِلَ فِيهَا خَمْسُمِائَةٍ مِنْ قُرَّاءِ التَّابِعِينَ، ثُمَّ فِتْنَةُ أَبِي مُسْلِمٍ كَانَ ظُهُورُهُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ، هَذَا وَغَيْرُهَا مِنَ الْفِتَنِ وَالْأَحْدَاثِ أَكْثَرُهَا كَانَتْ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ، وَسَبَبُ الْفِتْنَةِ وَإِرَاقَةِ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ كُفْرَانُ نِعْمَةِ الْإِسْلَامِ، ⦗٧٥⦘ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ فِيهِ الْكُفْرَ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْإِيمَانِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ خُرُوجَ الدَّجَّالِ، فَإِنَّ أَكْثَرَ الرِّوَايَاتِ عَلَى أَنَّ خُرُوجَهُ يَكُونُ مِنْ قِبَلِ التُّرْكِ
1 / 74