Macalim Usul Din
معالم أصول الدين
Chercheur
طه عبد الرؤوف سعد
Maison d'édition
دار الكتاب العربي
Lieu d'édition
لبنان
Genres
Croyances et sectes
وتلوح لَهَا الْأَنْوَار وتتكشف لَهَا المغيبات مَعَ أَنه يضعف الْبدن جدا وَكلما كَانَ ضعف الْبدن أكمل كَانَت قُوَّة النَّفس أكمل فَهَذِهِ الاعتبارات الْعَقْلِيَّة إِذا انضمت إِلَى أَقْوَال جُمْهُور الْأَنْبِيَاء والحكماء أفادت الْجَزْم بِبَقَاء النَّفس
الْمَسْأَلَة السَّابِعَة قَالَ جالينوس النُّفُوس ثَلَاث
الشهوانية ومحلها الكبد وَهِي أدنى الْمَرَاتِب والغضبية ومحلها الْقلب وَهِي أوسطها والناطقة ومحلها الدِّمَاغ وَهِي أشرفها
وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ النَّفس وَاحِدَة والشهوة وَالْغَضَب والإدراك صفاتها وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَنه مَا لم يعْتَقد كَونه لذيذا لَا يصير مشتهيا لَهُ وَمَا لم يعْتَقد كَونه مُؤْذِيًا فَإِنَّهُ لَا يغْضب عَلَيْهِ
فَوَجَبَ أَن يكون الَّذِي يَشْتَهِي ويغضب هُوَ الَّذِي أدْرك
الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة أَنه لَا يجب فِي كل مَا كَانَ محبوبا أَن يكون محبوبا لشَيْء آخر وَإِلَّا لدار أَو تسلسل بل لَا بُد وَأَن يَنْتَهِي إِلَى مَا يكون محبوبا لذاته فالاستقراء يدل على أَن معرفَة الْكَامِل من حَيْثُ هُوَ كَامِل يُوجب محبته
إِذا عرفت هَذَا فَنَقُول جَوْهَر النَّفس إِذا عرف ذَات الله تَعَالَى وَصِفَاته وَكَيْفِيَّة صُدُور أَفعاله عَنهُ وأقسام حكمته فِي تخليق الْعَالم الْأَعْلَى والأسفل صَارَت تِلْكَ الْمعرفَة مُوجبَة للمحبة ثمَّ كَمَا أَن إِدْرَاك النَّفس أشرف الإدراكات وَذَات الله تَعَالَى أشرف المدركات وَجب أَن تكون الْمحبَّة أكمل أَنْوَاع الْمحبَّة والمحب إِذا وصل إِلَى المحبوب كَانَ مِقْدَار لذته بِمِقْدَار محبته وبمقدار وُصُوله إِلَى ذَلِك المحبوب فَهَذَا يَقْتَضِي أَن يكون النَّفس الناطقة إِذا عرفت الله تَعَالَى وتطهرت عَن الْميل إِلَى هَذِه الجسمانيات فَإِنَّهَا بعد الْمَوْت تصل إِلَى لذات عالية وسعادات كَامِلَة وَالله أعلم
1 / 121