فِي حق الله تَعَالَى محَال فَإِن قَالُوا إِن وجود ذَلِك الْفِعْل وَعَدَمه بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ على التَّسَاوِي إِلَّا أَنه تَعَالَى يَفْعَله لإيصال النَّفْع إِلَى العَبْد
فَنَقُول أَيْضا إِيصَال النَّفْع إِلَى العَبْد وَعدم إيصاله إِلَيْهِ إِن اسْتَويَا فقد بَطل الْحسن والقبح وَإِن لم يستويا فقد عَاد مَا ذكرنَا أَنه نَاقص لذاته مكتمل لغيره وَهُوَ محَال
الْحجَّة الثَّانِيَة أَن الْعَالم مُحدث فَكَانَ حُدُوثه مُخْتَصًّا بِوَقْت معِين لَا محَالة فَإِن كَانَ ذَلِك الْوَقْت مُسَاوِيا لسَائِر الْأَوْقَات من جَمِيع الْوُجُوه فقد بَطل تَوْقِيف فعل الله تَعَالَى على الْحسن والقبح وَإِن اخْتصَّ ذَلِك الْوَقْت بخاصية لأَجلهَا وَقع الإحداث فِيهِ لَا فِي غَيره فَإِن كَانَت تِلْكَ الخاصية إِنَّمَا حصلت فِيهِ بتخصيص الله تَعَالَى ذَلِك الْوَقْت بهَا عَاد الْبَحْث الأول وَإِن كَانَ اخْتِصَاص ذَلِك الْوَقْت بِتِلْكَ الخاصية لذاته ولعينه فَحِينَئِذٍ يجوز كَون الْوَقْت الْمعِين سَببا لحدوث حَادث مَخْصُوص وَإِذا جَازَ ذَلِك فقد بَطل الِاسْتِدْلَال بحدوث الْحَوَادِث على الصَّانِع لاحْتِمَال أَن يكون الْمُؤثر فِيهَا هُوَ الْأَوْقَات
الْحجَّة الثَّالِثَة أَنه تَعَالَى علم من الْكفَّار والفساق أَنهم يكفرون ويفسقون فَكَانَ صُدُور الْإِيمَان وَالطَّاعَة مِنْهُم محالا ثمَّ إِنَّه أَمرهم بِالْإِيمَان وَالطَّاعَة وَهَذَا الْأَمر لَا يفيدهم إِلَّا اسْتِحْقَاق الْعقَاب فَثَبت أَن تَوْقِيف أَفعَال الله تَعَالَى وَأَحْكَامه على الْحسن والقبح بَاطِل
الْمَسْأَلَة الْعَاشِرَة فِي أَن الله تَعَالَى مُرِيد لجَمِيع الكائنات وَيدل عَلَيْهِ وُجُوه
أَحدهَا أَنا بَينا أَن كل فعل يصدر عَن العَبْد فالمؤثر فِيهِ مَجْمُوع الْقُدْرَة والداعي على سَبِيل الْإِيجَاب وخالق تِلْكَ الْقُدْرَة والداعية هُوَ الله تَعَالَى وموجد السَّبَب الْمُوجب مُرِيد للمسبب فَوَجَبَ كَونه تَعَالَى مرِيدا للْكُلّ
1 / 94