Macalim Usul Din
معالم أصول الدين
Chercheur
طه عبد الرؤوف سعد
Maison d'édition
دار الكتاب العربي
Lieu d'édition
لبنان
Genres
Croyances et sectes
مستتبعة وَظَاهر أَن الْحَيَاة والسمع وَالْبَصَر وَالْكَلَام لَا يصلح لذَلِك فَلَا بُد من صفة أُخْرَى وَهِي الْإِرَادَة
فَإِن قَالُوا كَمَا أَن الْقُدْرَة صَالِحَة للإيجاد فِي كل الْأَوْقَات فَكَذَلِك الْإِرَادَة صَالِحَة للتخصيص فِي كل الْأَوْقَات فَإِن افْتَقَرت الْقُدْرَة إِلَى مُخَصص زَائِد فلتفتقر الْإِرَادَة إِلَى مُخَصص زَائِد
فَنَقُول الْمَفْهُوم من كَونه مُخَصّصا مُغَاير للمفهوم من كَونه مؤثرا فَوَجَبَ التغاير بَين الْقُدْرَة والإرادة
الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة أَنا إِذا علمنَا شَيْئا ثمَّ أبصرناه وجدنَا بَين الْحَالَتَيْنِ تَفْرِقَة بديهة
وَذَلِكَ يدل على أَن الإبصار وَالسَّمَاع مغايران للْعلم وَقَالَ قوم إِنَّه لَا معنى للرؤية إِلَّا تأثر الحدقة بِسَبَب ارتسام صُورَة المبصر فِيهَا وَلَا معنى للسمع إِلَّا تأثر الصماخ بِسَبَب وُصُول تموج الْهَوَاء إِلَيْهِ وَهَذَا بَاطِل لوجوه
أما الأول فلأنا نرى نصف كرة الْعَالم على غَايَة عظمها وانطباع الْعَظِيم فِي الصَّغِير محَال ولأنا نرى الأطوال وَالْعرُوض وارتسام هَذِه الأبعاد فِي نقطة النَّاظر محَال
وَأما الثَّانِي فلأنا إِذا سمعنَا صَوتا علمنَا جِهَته وَذَلِكَ يدل على أَنا أدركنا الصَّوْت فِي الْخَارِج ولأنا نسْمع كَلَام الْإِنْسَان من وَرَاء الْجِدَار وَلَو كُنَّا لَا نسْمع الْكَلَام إِلَّا عِنْد وُصُوله إِلَيْنَا وَجب أَن لَا نسْمع الْحُرُوف من وَرَاء الْجِدَار لِأَن ذَلِك التموج لما وصل إِلَى الْجِدَار لم يبْق على شكله الأول
فَيثبت بِمَا ذكرنَا أَن الإبصار وَالسَّمَاع نَوْعَانِ من الْإِدْرَاك مغايران للْعلم وَإِذا ثَبت هَذَا فَنَقُول الدَّلَائِل السمعية دَالَّة على كَونه تَعَالَى
1 / 60