Les Caractéristiques de la Proximité dans la Recherche de la Hisba

Ibn Ukhuwwa d. 729 AH
58

Les Caractéristiques de la Proximité dans la Recherche de la Hisba

معالم القربة في طلب الحسبة

Maison d'édition

دار الفنون «كمبردج»

ضِيَافَةٍ، أَوْ عَلَى مَائِدَةٍ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ أَصْحَابَهَا يَكْتَفُونَ بِالْمُعَاطَاةِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، أَوْ سَمِعَ مِنْهُمْ ذَلِكَ، أَوْ رَآهُ أَيَجِبُ عَلَيْهِ الِامْتِنَاعُ مِنْ الْأَكْلِ فَأَقُولُ يَجِبُ عَلَيْهِ الِامْتِنَاعُ مِنْ الشِّرَاءِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ الَّذِي اشْتَرَوْهُ مُقَدَّرًا نَفِيسًا، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ الْمُحَقَّرَاتِ. وَأَمَّا الْأَكْلُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ فَإِنِّي أَقُولُ: إنْ تَرَدَّدْنَا فِي جَعْلِ الْفِعْلِ دَلَالَةً عَلَى نَقْلِ الْمِلْكِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا نَجْعَلَهُ دَلَالَةً عَلَى الْإِبَاحَةِ فَإِنَّ أَمْرَ الْإِبَاحَةِ، أَوْسَعُ، وَأَمْرَ نَقْلِ الْمِلْكِ أَضْيَقُ فَكُلُّ مَطْعُومٍ جَرَى فِيهِ بَيْعُ مُعَاطَاةٍ فَتَسْلِيمُ الْبَائِعِ إذْنٌ فِي الْأَكْلِ يُعْلَمُ ذَلِكَ بِقَرِينَةِ الْحَالِ كَإِذْنِ الْحَمَّامِيِّ فِي دُخُولِ الْحَمَّامِ، وَالْإِذْنِ فِي الطَّعَامِ لِمَنْ يُرِيدُهُ الْمُشْتَرِي فَيَنْزِلُ مَنْزِلَةَ مَنْ قَالَ أَبَحْت لَك أَنْ تَأْكُلَ هَذَا الطَّعَامَ، أَوْ تُطْعِمَ مَنْ أَرَدْت فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ، وَلَوْ صَرَّحَ. وَقَالَ: كُلْ هَذَا الطَّعَامُ ثُمَّ اغْرَمْ لِي عِوَضَهُ يَحِلُّ لَهُ الْأَكْلُ، وَيَلْزَمُهُ الضَّمَانُ بَعْدَ الْأَكْلِ هَذَا قِيَاسُ الْفِقْهِ عِنْدِي، وَلَكِنَّهُ بَعْدَ الْمُعَاطَاةِ آكِلٌ مِلْكَهُ، وَمُتْلِفٌ لَهُ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ، وَذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ، وَالثَّمَنُ الَّذِي سَلَّمَهُ إلَيْهِ إنْ كَانَ مِثْلَ قِيمَتِهِ فَقَدْ ظَفِرَ الْمُسْتَحِقُّ بِمِثْلِ حَقِّهِ فَلَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ مَهْمَا عَجَزَ عَنْ مُطَالَبَةِ مَنْ غَلَبَهُ، وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى مُطَالَبَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَتَمَلَّكُ مَا ظَفِرَ بِهِ مِنْ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يَرْضَى بِتِلْكَ الْعَيْنِ أَنْ يَصْرِفَهَا إلَى دَيْنِهِ فَعَلَيْهِ الْمُرَاجَعَةُ، وَأَمَّا هَاهُنَا قَدْ عُرِفَ رِضَاهُ بِقَرِينَةِ الْحَالِ عِنْدَ

1 / 63