28

Les Caractéristiques de la Proximité dans la Recherche de la Hisba

معالم القربة في طلب الحسبة

Maison d'édition

دار الفنون «كمبردج»

وَقَدْ لَعَنْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي الْخَمْرَةِ عَشْرَةً قَالَ الْعُلَمَاءُ أُدْخِلَ فِيهِ بَيْعُ الْعَصِيرِ مِمَّنْ يَتَّخِذُ الْخَمْرَ قَالَ الشَّافِعِيُّ أَكْرَهُ ذَلِكَ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ يُضَاهِيهِ بَيْعُ السِّلَاحِ مِنْ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ، وَبَيْعُ السِّلَاحِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَكَذَا بَيْعُ السِّلَاحِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَيَعْتَبِرُ، وَالِي الْحِسْبَةِ شَوَاهِدَ الْحَالِ فِيهِ فَيَنْهَى عَنْ الْمُجَاهَرَةِ، وَيَزْجُرُ عَلَيْهِ، وَلَا يُرِيقُهُ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ بِإِرَاقَتِهِ حَاكِمٌ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ لِئَلَّا يَتَوَجَّهَ عَلَيْهِ غُرْمٌ إنْ حُوكِمَ فِيهِ.
وَمَنْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ، وَهُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ مُسْلِمٌ مُخْتَارٌ، وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَإِنْ كَانَ حُرًّا جُلِدَ أَرْبَعِينَ لِمَا رَوَى عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ جَلَدَ فِي الْخَمْرِ أَرْبَعِينَ» . وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، وَجَلَدَ عُمَرُ ثَمَانِينَ
، وَكُلٌّ سُنَّةٌ، وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا جُلِدَ عِشْرِينَ؛ لِأَنَّهُ حَدُّ تَبْعِيضٍ فَكَانَ الْعَبْدُ فِيهِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ كَحَدِّ الزِّنَا، وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ أَنْ يَبْلُغَ بِالْحَدِّ ثَمَانِينَ، وَفِي الْعَبْدِ أَرْبَعِينَ جَازَ لِحَدِيثِ عُمَرَ؛ وَلِمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ كَانَ إذَا أُتِيَ بِالرَّجُلِ الْمُنْهَمِكِ فِي الشُّرْبِ جَلَدَهُ ثَمَانِينَ، وَإِذَا أُتِيَ بِالرَّجُلِ الضَّعِيفِ الَّذِي كَانَ مِنْهُ الزَّلَّةُ جَلَدَهُ أَرْبَعِينَ.
وَحَكَى الْخُرَاسَانِيُّونَ وَجْهًا آخَرَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ فَعَلَى الْمَذْهَبِ إذَا جُلِدَ الثَّمَانِينَ كَانَ الزَّائِدُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ تَعْزِيرًا فَإِنْ قِيلَ التَّعْزِيرُ لَا يَبْلُغُ عِنْدَكُمْ أَرْبَعِينَ قُلْنَا ذَلِكَ عَلَى زَلَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَهَاهُنَا زَلَّتَانِ: الْهَذَيَانُ، وَالِافْتِرَاءُ.
وَحَكَى الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي كِتَابِ

1 / 33