207

Les Caractéristiques de la Proximité dans la Recherche de la Hisba

معالم القربة في طلب الحسبة

Maison d'édition

دار الفنون «كمبردج»

إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّ الْحَاكِمِ صِدْقُهُ وَقِيلَ: إنَّ الضَّابِطَ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ أَلَا يَرْتَكِبَ كَبِيرَةً، وَلَا يُوَاظِبَ عَلَى صَغِيرَةٍ، وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّ الْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ فَقَالَ قَوْمٌ الْكَبِيرَةُ كُلُّ مَا وَرَدَ فِيهِ حَدٌّ أَوْ وَعِيدٌ بِنَصِّ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَأَمَّا مَنْ ارْتَكَبَ شَيْئًا مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ كَالْقَتْلِ وَالزِّنَاءِ وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَتَرْكِ شَيْءٍ مِنْ الْفَرَائِضِ كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ الْوَاجِبِ عَمْدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَيُحْكَمُ بِفِسْقِهِ وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ، قَالَ صَاحِبُ الْإِبَانَةِ إنْ تَرَكَ صَلَاةً وَاحِدَةً لَا لِأَمْرٍ فَيُحْكَمُ بِفِسْقِهِ وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ، وَلَوْ تَرَكَهَا لِأَمْرٍ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا فَفِيهِ خِلَافٌ. [مَسْأَلَة قَبُول شَهَادَة سَمَاع الْعُود وَالْجُنْك وَالطُّنْبُور وَالْمِزْمَار] وَأَمَّا سَمَاعُ الْعُودِ وَالْجُنْكِ وَالطُّنْبُورِ وَالْمِزْمَارِ وَمَا يُضْرَبُ بِطَرَبٍ، فَقَدْ ارْتَكَبَ أَمْرًا مُحَرَّمًا. وَأَمَّا سَمَاعُ الدُّفِّ، وَإِنْ خَلَا عَنْ الْحِلِّ فَمُبَاحٌ وَالطُّبُولُ كُلُّهَا فِي مَعْنَى الدُّفِّ إلَّا الْكُوبَةَ وَهِيَ طَبْلٌ طَوِيلٌ ضَيِّقُ الْوَسَطِ وَاسِعُ الطَّرَفَيْنِ وَيُعْرَفُ بِطَبْلِ السُّودَانِ، وَأَمَّا سَمَاعُ الشَّبَّابَةِ فَهِيَ مَكْرُوهَةٌ وَأَمَّا سَمَاعُ الْغِنَاءِ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ أَمَّا أَهْلُ الْحِجَازِ فَأَبَاحُوهُ وَنُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ كَرَاهِيَتُهُ، وَلَمْ يُبِيحُوهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَلَمْ يُحَرِّمُوهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَتَوَسَّطُوا فِيهِ الْكَرَاهَةُ. وَاسْتَدَلَّ مَنْ أَبَاحَهُ بِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ: «أَنَّهُ مَرَّ عَلَى جَارِيَةٍ لِحَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ وَهِيَ تُغْنِي هَلْ عَلَيَّ وَيْحَكُمَا إنْ لَهَوْتُ مِنْ حَرَجٍ فَقَالَ: ﵇ لَا حَرَجَ إنْ شَاءَ اللَّهُ» . وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْغِنَاءُ زَادُ الْمُشْتَاقِ، وَكَانَ إذَا خَلَا فِي دَارِهِ يَتَرَنَّمُ. وَكَانَ لِعُثْمَانَ جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ فِي اللَّيْلِ فَإِذَا جَاءَ وَقْتُ الِاسْتِغْفَارِ قَالَ لَهُمَا اُسْكُتَا، وَهَذَا جَمِيعُهُ بِشَرْطٍ أَلَّا يَقَعَ الْإِكْثَارُ مِنْهُ وَالِانْقِطَاعُ إلَيْهِ وَاسْتَدَلَّ مَنْ حَرَّمَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [لقمان: ٦]

1 / 212