Les Caractéristiques de la Proximité dans la Recherche de la Hisba
معالم القربة في طلب الحسبة
Maison d'édition
دار الفنون «كمبردج»
يَنْفَعُ وَعْظُ مَنْ لَا يَتَّعِظُ وَنَحْنُ نَقُولُ مَنْ عَلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ لَا يُقْبَلُ فِي الْحِسْبَةِ لِعِلْمِ النَّاسِ بِفِسْقِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْحِسْبَةُ بِالْوَعْظِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي عِظَتِهِ فَمَنْ لَيْسَ بِصَالِحٍ فِي نَفْسِهِ كَيْف يُصْلِحُ غَيْرَهُ أَوْحَى اللَّهُ ﵎ إلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ﵇ يَا ابْنَ مَرْيَمَ عِظْ نَفْسَك، فَإِنْ اتَّعَظْتَ فَعِظْ النَّاسَ وَإِلَّا فَاسْتَحْيِ مِنِّي.
الثَّانِيَةُ التَّخْوِيفُ بِاَللَّهِ وَالتَّهْدِيدُ بِالضَّرْبِ أَوْ مُبَاشَرَةِ الضَّرْبِ حَتَّى يَمْتَنِعَ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ كَالْمُوَاظِبِ عَلَى الْغِيبَةِ وَالْقَذْفِ.
الثَّالِثَةُ السَّبُّ وَالتَّعْنِيفُ بِالْقَوْلِ الْخَشِنِ، وَلَا نَعْنِي بِالسَّبِّ الْفُحْشَ بِمَا فِيهِ نِسْبَةٌ إلَى الزِّنَا وَمُقَدِّمَاتِهِ، وَلَا الْكَذِبَ بَلْ أَنْ يُخَاطِبَهُ بِمَا فِيهِ مِمَّا لَا يُعَدُّ مِنْ جُمْلَةِ الْفُحْشِ كَقَوْلِهِ يَا فَاسِقُ يَا أَحْمَقُ يَا جَاهِلُ أَلَا تَخَافُ اللَّهَ ﷾ يَا سَيْءَ الْأَدَبِ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ، فَإِنْ كَانَ فَاسِقًا فَهُوَ أَحْمَقُ، وَلَوْلَا حُمْقُهُ لَمَا عَصَى اللَّهَ - تَعَالَى - بَلْ كُلُّ مَنْ لَيْسَ بِكَيِّسٍ فَهُوَ أَحْمَقُ وَالْكَيِّسُ مَنْ شَهِدَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالْكِيَاسَةِ حَيْثُ قَالَ: «الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْأَحْمَقُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ»، وَلِهَذِهِ الرُّتْبَةِ أَدَبَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يُقْدِمَ عَلَيْهِ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْمَنْعِ بِاللُّطْفِ وَظُهُورِ مَبَادِئِ الْإِضْرَارِ وَالِاسْتِهْزَاءِ بِالْوَعْظِ وَالنُّصْحِ.
وَالثَّانِي: لَا يَنْطِقُ إلَّا بِالصِّدْقِ، وَلَا يَسْتَرْسِلُ فَيُطْلِقُ لِسَانَهُ الطَّوِيلَ بِمَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ خِطَابَهُ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ الزَّاجِرَةِ لَيْسَتْ تَزْجُرُهُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُطْلِقَهُ بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى إظْهَارِ الْغَضَبِ وَالِاسْتِحْقَارِ لَهُ وَالْإِزْرَاءِ لِمَحِلِّهِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ تَكَلَّمَ ضُرِبَ، وَلَوْ اكْفَهَرَّ وَأَظْهَرَ الْكَرَاهَةَ بِوَجْهِهِ لَمْ يُضْرَبْ
1 / 196