186

Les Caractéristiques de la Proximité dans la Recherche de la Hisba

معالم القربة في طلب الحسبة

Maison d'édition

دار الفنون «كمبردج»

قَالَ «لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ، وَلَا كَثْرَ حَتَّى يَأْوِيَهُ الْجَرِينُ فَإِذَا أَوَاهُ الْجَرِينُ وَبَلَغَ ثَمَنُهُ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَفِيهِ الْقَطْعُ، وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَفِيهِ غُرْمُ مِثْلِهِ وَجَلَدَاتٌ نَكَالًا»، فَأَمَّا ضَرْبُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ وَالْمُعَلِّمُ الصَّبِيَّ فَذَاكَ يُسَمَّى تَأْدِيبًا. وَأَصْلُهُ الْعَزْرُ وَهُوَ الْمَنْعُ وَالزَّجْرُ يُقَالُ عَزَرَهُ إذَا رَفَعَهُ وَهُوَ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَضْدَادِ، وَمِنْهُ سُمِّيَ النَّصْرُ تَعْزِيرًا؛ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ الْعَدُوَّ وَيَمْنَعُهُ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: ﴿وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ﴾ [الفتح: ٩] فَكُلُّ مَنْ أَتَى مَعْصِيَةً لَا حَدَّ فِيهَا، وَلَا كَفَّارَةَ كَالْمُبَاشَرَةِ الْمُحَرَّمَةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَالسَّرِقَةِ فِيمَا دُونَ النِّصَابِ وَالْقَذْفِ بِغَيْرِ الزِّنَا وَالْخِيَانَةِ بِمَا لَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ وَالشَّهَادَةِ بِالزُّورِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْمَعَاصِي عُزِّرَ. وَرَوَى ذَلِكَ عَنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ ﵃، وَلِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - أَبَاحَ الضَّرْبَ لِلزَّوْجِ عِنْدَ نُشُوزِ الزَّوْجَةِ وَقِسْنَا عَلَيْهِ سَائِرَ الْمَعَاصِي عَلَى حَسَبِ مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ وَيَخْتَلِفُ حُكْمُهُ بِاخْتِلَافِ حَالِهِ وَحَالِ فَاعِلِهِ، فَيُوَافِقُ الْحُدُودَ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ أَنَّهُ تَأْدِيبُ اسْتِصْلَاحٍ وَزَجْرٍ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الذَّنْبِ، وَيُخَالِفُ الْحُدُودَ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ أَنَّ تَأْدِيبَ ذَوِي الْهَيْئَةِ مِنْ أَهْلِ الصِّيَانَةِ أَخَفُّ مِنْ تَأْدِيبِ أَهْلِ الْبَذَاءَةِ وَالسَّفَاهَةِ فَيُدْرَجُ فِي النَّاسِ عَلَى مَنَازِلِهِمْ ، وَإِنْ تُسَاوَوْا فِي الْحُدُودِ الْمُقَدَّرَةِ فَيَكُونُ تَعْزِيرُ مَنْ جَلَّ قَدْرَهُ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُ وَتَعْزِيرُ مَنْ دُونَهُ مِنْ زَوَاجِرِ الْكَلَامِ وَغَايَتُهُ اسْتِحْقَاقُ الذَّنْبِ الَّذِي لَا قَذْفَ فِيهِ وَلَا سَبَّ، ثُمَّ يَعْدِلُ بِمَنْ دُونَ ذَلِكَ إلَى الْحَبْسِ الَّذِي يَنْزِلُونَ فِيهِ عَلَى حَسَبِ رُتَبِهِمْ بِحَسَبِ هَفَوَاتِهِمْ

1 / 191