138
معنويا من جهة وتقنطه اللامبالاة العامة من جهة أخرى. شرع يعمل بجنون لكي تكون له صحيفته: «الوادي».
139
كان ما يحققه فيها رائعا، لكنه كان عاجزا عن تدبير نفسه في عمل من هذا القبيل. فقد كان يتشاجر مع الآلات التي لم تكن تسير ويشكو من الورق الذي لا يرسلونه له ومن حروف الطباعة التي لم تكن تكفي، ويصطدم بالمخبرين الذين لم يكونوا دوما مستقيمين، وبالبائعين الذين لم يكونوا قادرين على البيع؛ لأنهم كانوا يمنعون من بيع الصحيفة. وكان مضطرا لأن يكتب كل يوم، وأن يستطيع كتابة المقالات الأدبية حتى للصحف الأجنبية في الخارج.
كان متعبا، مرهقا من الزيارات التي لا طائل من ورائها، ومن الثرثرة غير المجدية. وكان مشمئزا؛ فالمصادمات تتجدد كلما تنقل النحاس من مكان إلى آخر، وقد أراد في أحد الأيام أن يحييه، بيد أن مدخل المحطة كان ممنوعا؛ «فأحست نفسي مهانة بشكل عميق ... وماذا؟! رجل يتلاعب بملايين البشر دون أن يلقى أي مقاومة؟ فلتحي الحرية! ولكن لمن هم جديرون بها! ...»
للمرة الأولى منذ أن أصدرت «الوادي» لا أجد الرغبة في كتابة مقال أدبي؛ فطالما أن المصريين لا يريدون أو لا يستطيعون قراءتي، فلأوفر على نفسي إذن هذا العذاب!
لكنه كتبه مع ذلك، مثلما كان يجد الورق، ومثلما كان يسير الآلات ... ولكن، بأي ثمن ؟!
1 أغسطس
يقع علي الآن عبء نفوس كثيرة ... فكم من أسرة تنتظر اليوم أجورها الشهرية من صحيفة لا تقدم أي عائد!
أبقى لحظات طويلة دون أن أقول شيئا. أفكر فيك، وفي الأطفال، وفي الغد، وفي الأمس وأنتظر. ماذا أنتظر؟ مشيئة الله ولا شك!
Page inconnue