Mabahith fi Ulum al-Quran par Subhi al-Salih
مباحث في علوم القرآن لصبحي الصالح
Maison d'édition
دار العلم للملايين
Numéro d'édition
الطبعة الرابعة والعشرون كانون الثاني/ يناير ٢٠٠٠
Genres
جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ، فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ ١، ونهاه عن هذه العجلة التي لا مسوغ لها فقال: ﴿وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ ٢.
ومن يتل الآيات القرآنية التي تصور رسول الله إنسانا ضعيفا بين يدي الله، يستمد منه العون، ويستهديه ويستغفره، ويصدع بما يأمره به وأحيانا يتلقى العتاب الشديد، يجد في أعماق قلبه من الفيض الوجداني ما يحمله على الاقتناع بالفرق الذي لا يتناهى بين صفة الخالق وصفة المخلوق، وبين ذات الخالق وذات المخلوق، وبين أسلوب الخالق وأسلوب المخلوق.
إن صورة محمد ﷺ، في القرآن هي صورة العبد المطيع، الذي يخاف عذاب ربه إن عصاه، فيلتزم حدوده، ويرجو رحمته، ويعترف بعجزه المطلق عن تبديل حرف من كتاب الله: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ، قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾ ٣.
وفي معنى هذه الآيات المفرقة بين صفة الخالق وصفة المخلوق، ما يتكرر في القرآن كثيرا من التصريح بأن النبي ﷺ، بشر مثل سائر البشر، ليس عليه إلا البلاغ، ولا يملك خزائن الله ولا يعلم الغيب، ولا يزعم لنفسه صفة ملكية تغاير صفة الإنسان وخلقه: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ ٤، ﴿قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ﴾ ٥،
_________
١ القيامة ١٦-١٩.
٢ طه ١١٤.
٣ يونس ١٥-١٦.
٤ الكهف ١١٠.
٥ الأعراف ١١٨.
1 / 29