Discussions Scientifiques et Sociales
مباحث علمية واجتماعية
Genres
ولنا نفس النتيجة من مقابلة الوزن؛ فإن معدل وزن الطفل المولود حديثا 3250 غراما، والطفلة 2900 غرام؛ أعني أن الذكر يزيد الأنثى 350 غراما، وقلما يفرقان بعد ذلك إلى ما بعد السنة الثانية عشرة، ثم يزيد هذا الفرق جدا برجحان الذكر، ويبلغ حسب تعديل بعضهم (كواتلت) من أربعة إلى خمسة كيلوغرامات، ثم يتناقص في الشيخوخة. وذكر بعضهم أن هذا الفرق بينهما كيلوغرام من سن 2 إلى 7، و«6» كيلوغرامات من سن 14 سن إلى 21، و«7» من سن 21 إلى 28، و«11» من سن 41 إلى 56، ثم يتناقص إلى «9» من سن 56 إلى 63، وإلى «8» من سن 63 إلى 70.
وأما حجم الجمجمة فحسب تعديل بعضهم (ليثرزيك) أن دائر جمجمة الذكر عند الولادة أكبر من دائرة جمجمة الأنثى بسنتيمتر واحد، ثم يزيد هذا الفرق بعد البلوغ؛ لاستمرار نمو جمجمة الرجل ووقوف نمو جمجمة الأنثى بعد ذلك.
وأما وزن الدماغ فحسب تعديل كولكر يزيد دماغ الذكر عن دماغ الأنثى بأربعين غراما عند الولادة، و50 عند سن سنة واحدة، و70 عند سن 3 سنين، و110 في سن 10، و150 من سن 20 إلى 60.
ثم يتناقص هذا الفرق من بعد السن المذكور، فينقص دماغ الرجل في الهرم 84 غراما من معدل وزنه عند منتهى النمو، ودماغ المرأة 59 غراما. وهذا الفرق التشريحي يرافقه فرق في القوى العاقلة والأدبية، ومنه يفهم لماذا يشترك الذكر والأنثى بالألعاب في سن الحداثة، ثم يفترقان كثيرا في العقليات في سن البلوغ، ثم يتقاربان ثانية في الهرم؟
وعلى هذه النسبة أيضا يجري باقي الفروقات في شكل العظام والتغذية وتركيب الدم ... إلخ. وأما النبض فهو 136 في الجنين الذكر، و138 في الجنين الأنثى. وذكر بعضهم أن هذا الفرق، أي زيادة نبض الأنثى على الذكر، هو نبضة واحدة من سن 2 إلى 7، و«6» نبضات من سن 14 إلى 21، و«7» من سن 21 إلى 28، و«10» من 35 إلى 42، و«11» في سن 50، ثم «9» من 56 إلى 63، و«8» من سن 63 إلى 70. ويطول بنا الشرح جدا لو أردنا استيفاء باقي الفروقات مفصلا؛ لذلك نكتفي بما مر.
والخلاصة مما تقدم أن الأنثى تفوق الذكر في بعض الأمور في الاثنتي عشرة سنة الأولى، ثم يفوقها الذكر بعد ذلك في الجمعيات المتمدنة إلى منتهى النمو حينما يبلغ الفرق معظمه، وهذا يكون بين سن 40 و50، ثم يتناقص هذا الفرق في الشيخوخة والهرم.
وهذه الملاحظات المتقدمة المأخوذة من علم مقابلة الحيوان وتشريح الأعضاء ومنافعها، تنبئنا لماذا يميل الجنسان، أي الذكر والأنثى، لأن يفترقا كلما صعدا من طبقات البشر السفلى إلى العليا. ففي الطبقات السفلى تكون الصفات العقلية والأدبية بين الرجل والمرأة متساوية؛ لذلك كانا كلاهما أقرب إلى الاتفاق من الاختلاف، وليس الأمر كذلك في الطبقات العليا الرفيعة المدارك؛ فإنه لما كان فيها الفرق بين الرجل والمرأة عظيما كانا أقرب إلى الاختلاف؛ لاختلافهما بالأفكار والإحساسات والمشارب ... إلخ. وهو أكثر في سكان المدن منه في سكان القرى، وآخذ في التزايد سنة فسنة، كما نبه الحكماء إلى ذلك منذ زمان طويل. •••
على أن زعماء المساواة يدعون أن هذا الفرق بين الرجل والمرأة جسديا وعقليا سببه عدم تساويهما في الرياضة والتعليم، وأنه إذا تساوت أحوالهما المعاشية والتهذيبية تساويا في القوة والعقل . وإذا دققنا النظر لا نجد هذا الاعتراض في محله؛ ففي العصور الغابرة حيث كانت الأمم غارقة في ظلمات الجهل لم يكن أحد الجنسين يعلم أكثر من الآخر، وفي هذه الأيام نجد في البلدان المتمدنة عددا وافرا من الجنسين متروكين على الفطرة، بحيث لا يصح أن يقال إن هذا الفرق نتيجة التعليم والتهذيب، بل اليوم إذا نظرنا إلى الفنون التي تعلمها النساء كما يعلمها الرجال وأكثر منهم أيضا كفن الموسيقى في أوروبا، فلا نجد من النساء من نبغن كما نبغ الرجال. ومع أن عدد المتعلمات هذا الفن أكثر من عدد الرجال، فلا تجد منهن من ألفت فيه أو استنبطت شيئا جديدا، بل جميع المؤلفين من الرجال.
وما قيل عن فن الموسيقى يقال أيضا عن فن التصوير، وكذا صناعة الطبخ نفسها، فحتى الآن لم يستطع النساء أن يبارين الرجال المتعاطين هذه المهنة، مع أن عددهن بالنسبة إلى عددهم وافر جدا. والمانع في هذا وسواه ليس عدم تساوي الرجل والمرأة بالوسائط، بل عدم تساويهما بالقابليات كما ترى في المدارس التي يعلم فيها الصبيان والبنات معا؛ فإن البنات كما تقدم يفقن الصبيان لغاية سن 12 سنة، ثم يتقهقرن عنهم بعد ذلك، مع أن الوسائط واحدة في الحالين؛ وما سبب ذلك إلا لأنهن من طبعهن أضعف منهم قابلية، وإلا لما وجب أن يتأخرن عنهم بعد هذا السن لو كن من طبعهن قادرات. وسبقهن الصبيان في أول سني الحياة دليل على سرعة نموهن بالنسبة إلى نموهم، وهذه السرعة من علامات الانحطاط، كما قلنا فيما تقدم.
والخلاصة من جميع ما تقدم أن غلبة الأنثى على الذكر لا ترى إلا في بعض أنواع الحيوانات السفلى، أو في بعض فروع البشر السفلى، ولا يرى تساويهما إلا فيما كان فوق ذلك قليلا، كما في بعض الأنواع الحيوانية والفروع البشرية السافلة، وكما في أحداث الأمم المتمدنة ومشايخهم؛ إذ إن الطرفين يستويان في كل أمر. وأما في الأنواع الحيوانية العليا، وفي فروع البشر المرتقية، وفي منتهى النمو؛ فالغلبة دائما للذكر جسديا وعقليا وأدبيا ، ولا تكون غير ذلك إلا إذا انقلب الموضوع وانعكس المطبوع.
Page inconnue