واعتبر ذلك بالوسم، وهذا الحيوان يعتريه من الأمراض وجع المفاصل لطول قيامه وثقل جثته لأنه لا يضطجع والله أعلم.
الوصف والتشبيه
قال رؤية بن العجاج يصفه من أرجوزة:
أجرد كالحصن طويل النابين ... مشرق اللحي صغير الفقمين
عليه إذنان كفضل الثوبين
وقال ابن طباطبا العلوي:
أعجب بفيلٍ آنس وحشي ... بهيمة في فطنة الإنسي
يفهم من سائسه الهندي ... غيب معاني رمزه الخفي
مثل السدلى الموثق المبني ... يطوف كالمزدجر المنهي
منزه في خلقه السوي ... عن لين مشي ركب المطي
ذي ذنب مطول ثوري ... في مثل ردف الجمل البختي
منخفض الصوت طويل العي ... يرنو بطرف منه شادي
في قبح وجه منه خنزيري ... خرطومه كجعبة التركي
كالدلو إذ يهوى إلى القرى ... يصب في مصهرج مطوي
ناباه في هولهما المخشي ... كمثل قرني ناطح طوري
إذناه في صبغهما الفضي ... كطيلساني ولدى ذمي
سائسه عليه ذو رقي ... منتصب منه على كرسي
يطيعه في أمره المأتي ... كطاعة القرقور للنوتي
وقال علي بن جريح الرومي يصفه:
واعطل عبد الناس حامل مخطم ... به حجز طورًا وطورًا به فغم
يقلب جثمانًا عظيمًا ... موثقا ... يهد بركنيه الجبال إذا زحم
ويسطو بخرطوم يطاوع أمره ... ومشتبهات ما أصاب بها حطم
ولست ترى بأسًا يقوم لبأسه ... إذا أعمل النابين في الناس أو صدم وقال عبد الكريم النهشلي يصفه:
وأضخم هندي النجار تعده ... ملوك بني ساسان وإن نابها الدهر
من الورق لا من ضربة الورق مرتعي ... أصاخ ولا من ورده الخمس العشر
يجيء كطود جائل فوق أربع ... مضبرة لمت كما لمت الصخر
له فخذان كالكثيبين لبدا ... وصدر كما أوفى من الهضبة الصدر
ووجه به أنف كروواق خمرة ... ينال به ما تدرك الأنامل العشر
وجبان لا يروي القليب صداهما ... ولو أنه بالقاع منهرت حضر
وإذن كنصف البرد تسمعه الندا ... خفيًا وطرف ينفض العيب مزور
ونابان شقا لا يريد سواهما ... قناتين سمراوين طعنهما نثر
له لون ما بين الصباح وليله ... إذا نطق العصفور أو صوت الصقر
ولأبي بكر الأرجاني يصفه من أبيات يصف فيها مجلس ممدوحه شعرًا فقال:
والفيل في ذيل السماط له ... زجل يهال له الفتى ذعرا
في موقف الحجاب يؤمر أو ... ينهي فيمضي النهي والأمرا
إذنان كالترسين تحتهما ... نابان كالرمحين إن كسرا
يعلو له فياله ظهرا ... فيظل مثل من اعتلى قصرا
القول في طبائع الكركدن
وتسميه الهند البوشان، ويسمى أيضًا الحمار الهندي وهو عدو الزبرقان والفيل، ومعادنه بلاد الهند والنوبة والبجة وهو دون الجاموس، ويقال: إنه متولد بين الفرس والفيلة، وله ضلف واحد، وقرن واحد عظيم على أنفه فلا يستطيع لثقله أن يرفع رأسه، وهذا القرن مصمت قوي الأصل حاد الرأس مرهفه يقاتل به الفيل فلا تفد معه ناباه، ويقال: إنه إذا نشر رؤي في داخله صورة بياض في سواد كصورة إنسان ودابة وسمكة، وما ذلك وأهل الصين يتخذون منه المناطق، ويغالون في ثمنه، ويقال أن حمل الأنثى من هذا النوع كأيام حمل الأنثى من الفيلة، والأنثى تأكل ولدها، ولا يسلم منها إلا القليل، والولد يخرج قويًا ثابت الأسنان والقرن قوي الحافر، وقد زعم أنه إذا كان في بطن أمه، وقارب الوضع يخرج رأسه من فرجها، ويرعى من أطراف الشجر ما يقوم به ثم يرجع به وقد أنكر الجاحظ هذا القول، وجعله ضربًا من الخرافات، ويزعم الهند أنه إذا كان في ناحية من البلاد لا يقربها حيوان أصلًا، ويكون بينها وبينه من البعد مئة فرسخ من أربع جهاته هيبة له وهربًا منه، وليس في الحيوان ذي القرن ما هو مشقوق الضلف غيره، وهو يجتر كما يجتر البقر والغنم والإبل ويأكل الحشيش، ويقال: إنه شديد العداوة للإنسان حتى أنه إذا شم رائحته أو سمع صوته جد في طلبه فإذا أدركه قتله، وإن لم ينتفع به لأنه لا يأكل اللحم.
القول في طبع الزرافة
1 / 40