كان" سلطان بود" مكانا واقعا وسط قراباغ وشكى وشيروان، وكان الجنرال" مرقص" قائد الروس قد أحكم حصنه، وقد ترك به ما يقرب من ألفين أو ثلاثة ألاف من شجعان روسيا ومحاربيها، وتوجه هو نفسه لاستمالة مصطفى خان الشيروانى ومصطفى خان الطالشى.
وفى صباح ذلك اليوم، الذى كان أوله طلوع شمس الظفر وموعد أفول كوكب إقبال العدو المشئوم، عزم نائب السلطنة على الحرب ومعه المدفعية والأفواج القاهرة من الجند وبقية الفرسان على المعركة. وبمجرد وصوله انشغل أولا: المدفعيون بإطلاق القذائف المحملة بالنيران الصاعقة، فتفرقت صفوف الروس، التى كانت قد انسحبت إلى خارج الحصن، بسبب ضربات المدفعية المدمرة لجبال البرز، وتفرقت أفواج المشاة والتى كانت مستعدة ومجهزة للمعركة. وهجموا عليها فوجا بعد فوج، وارتفعت من كلا الجانبين نار البلاء، ووقعت المعركة بين مشاة الجانبين لمدة أربع أو خمس ساعات، وقطعت أحبال أرواح الطرفين بمقراض الفناء، وتمزقت الصدور من ضربات دانات المدافع والبنادق المدمرة لجبال البرز وبسبب غوغاء المعركة صار كهول يوم المحشر باهرا على الجميع.
وفى ذلك الحال كلف نائب السلطنة المستر" لزى" قائد المدفعية الإنجليزية ومعه طاقم ومدفعية تبريز وذلك بأن يحركوا من كل جانب قطع مدفعية الأفعى ذات الهياكل الفلكية السريعة على رأس الروس، وقد عمل المدفعيون بموجب [ص 271] الأمر الصادر، ورفعوا قطع مدافع الأفعى المهابة إلى رأس حصن الروس وأمطروهم بالشرر الملتهب والصخور الألبرزية المتساقطة. وفى الوهلة الأولى، أخذت مدافع الروس وعرباتهم فى التصويب، فتحطمت آلات وأخشاب العربات الروسية وتناثرت إربا إربا بسبب ضربات قذائف المدافع المدمرة للصخور، فيئس من نعمة الحياة خمسة أشخاص من مدفعيى الروس المشعلين للنيران بسبب قطع أخشاب العربات، وحطمت قذيفة المدفع فوهة أحد المدافع الروسية ذات الشكل الشيطانى ورفعت فوهته بحيث لم تزأر [المدفعية الروسية] مرة أخرى فى وجه الجيش المنصور، ولم تجرؤ على العربدة والغليان والصراخ.
والخلاصة، أنه بسبب هذا التصويب الدقيق والرماية الماهرة، بقيت أسطورة القدر المنزل ذكرى فى أفواه العالم، وضيقوا الأمر على الروس، بحيث إن كل شخص كان يخرج برأسه من وسط الحصن، كانت قذيفة المدفع تجنثه من قدميه.
Page 311