109

[ذكر غزوة تبوك]

وأما تبوك قال ابن إسحاق: قال : لما قفل رسول الله -صلى لله عليه وآله وسلم- من غزوة حنين أمر الناس بالتهيؤ لغزوة الروم، وذلك في زمن عسرة من الناس، وشدة من الحر، وجدب من البلاد، وحين طابت الثمار، والناس يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم، ويكرهون الشخوص على الحال من الزمان الذي هم عليه، وكان رسول الله قل ما يخرج في غزوة إلا كنى عنها، فأخبر أنه يريد غير الوجه الذي يصمد له إلا ما كان من غزوة تبوك فإنه بينها للناس؛ لبعد الشقة وشدة الزمان؛ وكثرة العدو الذي يصمد إليه، ليتأهب الناس لذلك أهبته، فأمر الناس بالجهاز، وأخبرهم أنه يريد الروم، وقال للجد بن قيس أحد بني سلمة: يا جد، هل لك في جلاد بني الأصفر؟ فقال: يا رسول الله، أو تأذن لي ولا تفتني، فوالله لقد عرف قومي أنه ما من رجل بأشد عجبا بالنساء مني، وإنى أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر ألا أصبر، فأعرض عنه رسول الله ، وقال: ((قد أذنت لك)) فنزلت هذه الآية[فيه] :{ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين}[التوبة:49].

وقال قوم من المنافقين: لا تنفروا في الحر، فأنزل الله فيهم:{وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون}[التوبة:81].

Page 201