معارج القبول بشرح سلم الوصول
معارج القبول بشرح سلم الوصول
Chercheur
عمر بن محمود أبو عمر
Maison d'édition
دار ابن القيم
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
Lieu d'édition
الدمام
Genres
مُقَدِّمَةٌ: تُعَرِّفُ الْعَبْدِ بِمَا خُلِقَ لَهُ، وَبِأَوَّلِ مَا فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ
وَبِمَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهِ الْمِيثَاقَ فِي ظَهْرِ أَبِيهِ آدَمَ، وَبِمَا هُوَ صَائِرٌ إِلَيْهِ
اعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا ... لَمْ يَتْرُكِ الْخَلْقَ سُدًى وَهَمَلَا
بَلْ خَلَقَ الْخَلْقَ لِيَعْبُدُوهُ ... وَبِالْإِلَهِيَّةِ يُفْرِدُوهُ
"اعلم" كلمة يأتى بِهَا لِلِاهْتِمَامِ وَلِلْحَثِّ عَلَى تَدَبُّرِ مَا بَعْدَهَا وَالْخِطَابُ بِهَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِكُلِّ الْمُكَلَّفِينَ "بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ" شَأْنُهُ وَتَنَزَّهَ عَنْ كُلِّ نَقْصٍ "وَعَلَا" بِكُلِّ مَعَانِي الْعُلُوِّ "لَمْ يَتْرُكِ الْخَلْقَ سُدًى" وَلَا "هَمَلَا" أَيْ: لَا يَأْمُرُهُمْ وَلَا يَنْهَاهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَا يَبْعَثُهُمْ فَيُجَازِيهِمْ فِي الْآخِرَةِ؛ لأنه تعالى ما خَلْقِهِمْ إِلَّا بِالْحَقِّ لَا عَبَثًا وَلَا بَاطِلًا بَلْ لِحِكْمَةٍ بَالِغَةٍ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهَا الْحَمْدَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ، الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: ١٩٠-١٩١] . ﴿رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا﴾ أَيِ: الْخَلْقَ ﴿بَاطِلًا﴾ لَا بَلِ الْحَقَّ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى. ثُمَّ نَزَّهُوهُ عَنِ الْعَبَثِ وَخَلْقِ الْبَاطِلِ فَقَالُوا: ﴿سُبْحَانَكَ﴾ أَيْ: عَنْ أَنْ تَخْلُقَ شَيْئًا بَاطِلًا تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ وَقَالَ تَعَالَى: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ﴾ [النَّحْلِ: ٣-٤] يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ خَلْقِهِ الْعَالَمَ العلوي وهو السموات بِمَا حَوَتْ، وَالْعَالَمَ السُّفْلِيَّ وَهُوَ الْأَرْضُ بِمَا حَوَتْ، وَأَنَّ ذَلِكَ مَخْلُوقٌ بِالْحَقِّ لَا
1 / 79