283

معارج القبول بشرح سلم الوصول

معارج القبول بشرح سلم الوصول

Chercheur

عمر بن محمود أبو عمر

Maison d'édition

دار ابن القيم

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م

Lieu d'édition

الدمام

Genres

الْمُصْحَفَ فَقَرَءُوا وَفَسَّرَ لَهُمْ١. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ ﵄: إِذَا رَجَعَ أَحَدُكُمْ مِنْ سُوقِهِ فَلْيَنْشُرِ الْمُصْحَفَ وَلْيَقْرَأْ٢. وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ أَنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فِي الْمُصْحَفِ أَفْضَلُ مِنْ عَلَى ظَهْرِ قَلْبٍ؛ لِأَنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى التِّلَاوَةِ وَالنَّظَرِ فِي الْمُصْحَفِ وَكَرِهُوا أَنْ يَمْضِيَ عَلَى الرَّجُلِ يَوْمَانِ لَا يَنْظُرُ فِي مُصْحَفِهِ. "وَبِالْأَيَادِي خَطُّهُ يُسَطَّرُ" كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ، فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ، لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ [الْوَاقِعَةِ: ٧٧-٧٩] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً، فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ﴾ [الْبَيِّنَةِ: ٢] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ، فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ، فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ، مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ﴾ [عَبَسَ: ١١-١٤] وَقَدْ كَتَبَهُ الصَّحَابَةُ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ بِأَمْرِهِ، وَفِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُثْمَانَ، وَإِلَى الْآنَ يَكْتُبُهُ الْمُسْلِمُونَ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: مَا تَرَكَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَّا مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ٣. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ نَحْوَ ذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ ﵁ مَعْنَى ذَلِكَ فِي مَحْضَرِ الصَّحَابَةِ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ خِلَافَهُ. وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الَّذِي فِي الْمُصْحَفِ كَلَامَ اللَّهِ لَمْ يَحْرُمْ مَسُّهُ عَلَى أَحَدٍ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ بَلْ وَلَا كَانَ يَحْرِمُ تَوَسُّدُهُ، وَلِذَا أَجَازَ الزَّنَادِقَةُ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يُؤْمِنُوا أَنَّ فِيهِ كِتَابَ اللَّهِ، وَهَذَا مِنْ أَسْفَلِ دَرَكَاتِ الْكُفْرِ قَبَّحَهُمُ اللَّهُ.
"وَكُلُّ ذِي" الْمَذْكُورَاتِ مِنَ الْقَلْبِ وَحَافِظَتِهِ وَذَاكِرَتِهِ وَاللِّسَانِ وَحَرَكَتِهِ وَالْآذَانِ وَأَسْمَاعِهَا وَالْأَبْصَارِ وَنَظَرِهَا وَالْأَيَادِي وَكِتَابَتِهَا وَأَدَوَاتِ الْكِتَابَةِ مِنْ أَوْرَاقٍ وَأَقْلَامٍ وَمِدَادٍ، كُلُّهَا "مَخْلُوقَةٌ حَقِيقَهْ" لَيْسَ فِي ذَلِكَ تَوَقُّفٌ، "دُونَ" الْقُرْآنِ الَّذِي هُوَ "كَلَامُ" اللَّهِ تَعَالَى "بَارِئِ الْخَلِيقَهْ". قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: يَتَوَجَّهُ الْعَبْدُ لِلَّهِ تعالى بالقرآن بخمسة أَوْجُهٍ وَهُوَ فِيهَا غَيْرُ مَخْلُوقٍ: حِفْظٌ بِقَلْبٍ وَتِلَاوَةٌ بِلِسَانٍ وَسَمْعٌ بِأُذُنٍ وَنَظْرَةٌ بِبَصَرٍ وَخَطٌّ بِيَدٍ. فَالْقَلْبُ مَخْلُوقٌ وَالْمَحْفُوظُ غَيْرُ

١ ذكره ابن كثير في فضائل القرآن وفي سنده ابن أبي ليلى وقد ضعف.
٢ عزاه صاحب الكنز لابن أبي داود في المصاحف "ح٤٠٣٤" ولم أجده عنده في المطبوع وفي سنده ثوير مولى جعدة بن هبيرة وهو ركن من أركان الكذب. وذكره ابن كثير في فضائل القرآن.
٣ البخاري "٩/ ٦٤-٦٥" في فضائل القرآن، باب من قال: لم يترك النبي ﷺ إلا ما بين الدفتين.

1 / 289