277

معارج القبول بشرح سلم الوصول

معارج القبول بشرح سلم الوصول

Chercheur

عمر بن محمود أبو عمر

Maison d'édition

دار ابن القيم

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م

Lieu d'édition

الدمام

Genres

إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ﴾ [الطُّورِ: ٣٣] وَقَالَ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [هُودٍ: ١٣-١٤] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ [الْبَقَرَةِ: ٢٣-٢٤] فَعَجَزُوا عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَلَمْ يَطْمَعُوا فِي شَيْءٍ مِنْهُ، مَعَ أَنَّهُمْ فُحُولُ اللُّغَةِ وَفُرْسَانُ الْفَصَاحَةِ وَأَهْلُ الْبَلَاغَةِ، وَأَعْلَمُ النَّاسِ بِنَثْرِ الكلام ونظمه وهجزه وَرَجَزِهِ، مَعَ شِدَّةِ مُعَانَدَتِهِمْ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَمَا جَاءَ بِهِ وَحِرْصِهِمْ عَلَى مُعَارَضَتِهِ بِكُلِّ مُمْكِنٍ، وَلَكِنْ جَاءَهُمْ مَا لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهِ وَأَتَاهُمْ مَا لَا يُطِيقُونَ، كَلَامُ ذِي الْمَلَكُوتِ وَالْجَبَرُوتِ وَالْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعِزَّةِ وَالْجَلَالِ وَالْكَمَالِ رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ وَرَبِّ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى مِنْ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَالصِّفَاتُ الْعُلَى وَالْمَثَلُ الْأَعْلَى، الَّذِي لَا سَمِيَّ لَهُ وَلَا كُفُوَ لَهُ وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، فَلَمَّا رَأَوْا وُجُوهَ إِيجَازِهِ وَإِعْجَازِهِ وَمَبَانِيَهُ الْكَامِلَةَ وَمَعَانِيَهُ الشَّامِلَةَ، وَإِخْبَارَهُ عَنِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ وَالْغُيُوبِ الْمُسْتَقْبَلَةِ وَالْأَحْكَامِ الْوَاقِعَةِ، وَنَبَأِ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَالتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ وَالتَّهْدِيدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ عَلَى أَكْمَلِ وَجْهٍ وَأَوْضَحِ بَيَانٍ وَأَعْلَى قَصَصٍ وَأَعْظَمِ بُرْهَانٍ، عَلِمُوا أنه ليس بكلام الْمَخْلُوقِينَ وَلَا يُشْبِهُ كَلَامَ الْمَخْلُوقِينَ وَعَلِمُوا أَنَّهُ الْحَقُّ، وَإِنَّمَا رَمَوْهُ بِالْإِفْكِ وَالْبُهْتَانِ بِقَوْلِهِمْ: كَاهِنٌ شَاعِرٌ مَجْنُونٌ وَغَيْرِ ذَلِكَ، إِنَّمَا هُوَ مُكَابَرَةٌ وَعِنَادٌ مَعَ الِاعْتِرَافِ بِذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ عَنِ الْوَلِيدِ وَعُتْبَةَ وَأَبِي جَهْلٍ قَبَّحَهُمُ اللَّهُ وَغَيْرِهِمْ، وَلَوْ كَانَ تَقَوَّلَهُ كَمَا زَعَمُوا هُمْ لَاسْتَطَاعُوا مُعَارَضَتَهُ وَلَمْ يَنْقَطِعُوا عَنْ مُقَاوَمَتِهِ؛ لِأَنَّهُمْ عَرَبٌ فُصَحَاءُ مِثْلُهُ عَارِفُونَ بِوُجُوهِ الْبَلَاغَةِ كُلِّهَا لَا يَجْهَلُونَ مِنْهَا شَيْئًا، وَلَمَا عَدَلُوا إِلَى الْمُكَابَرَةِ وَالتَّبَجُّحِ بِالْقَوْلِ دُونَ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ أَمْقَتُ شَيْءٍ عِنْدَ الْعُقَلَاءِ، وَلَكِنَّهُ كَلَامُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِ مُحَمَّدٍ خَاتَمِ الْمُرْسَلِينَ، وَسَيِّدِ وَلَدِ آدَمَ أَجْمَعِينَ هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ، وَتِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ

1 / 283