260

معارج القبول بشرح سلم الوصول

معارج القبول بشرح سلم الوصول

Chercheur

عمر بن محمود أبو عمر

Maison d'édition

دار ابن القيم

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م

Lieu d'édition

الدمام

Genres

وَأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ الْبَشَرُ الْإِتْيَانَ بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ، وَقَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ كُلُّ عَاقِلٍ حَتَّى الْمُشْرِكُونَ كَمَا قَالَ أَكْفَرُ قُرَيْشٍ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ لَمَّا قَرَأَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْقُرْآنَ، فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: قُلْ فِيهِ قَوْلًا يَبْلُغُ قَوْمَكَ أَنَّكَ مُنْكِرٌ لَهُ. قَالَ: وَمَاذَا أَقُولُ فِيهِ؟ فَوَاللَّهِ مَا مِنْكُمْ رَجُلٌ أَعْرَفُ بِالْأَشْعَارِ مِنِّي وَلَا أَعْلَمُ بِرَجَزِهِ وَلَا بِقَصِيدِهِ مِنِّي وَلَا بِأَشْعَارِ الْجِنِّ. وَاللَّهِ مَا يُشْبِهُ الَّذِي يَقُولُ شَيْئًا مِنْ هَذَا، وَوَاللَّهِ إِنَّ لِقَوْلِهِ الَّذِي يَقُولُهُ حَلَاوَةً، وَإِنَّ عَلَيْهِ لَطَلَاوَةً، وَإِنَّهُ لَمُثْمِرٌ أَعْلَاهُ، مُغْدِقٌ أَسْفَلُهُ، وَإِنَّهُ لَيَعْلُو وَلَا يُعْلَى، وَإِنَّهُ لَيَحْطِمُ مَا تَحْتَهُ. قَالَ: لَا يَرْضَى عَنْكَ قَوْمُكَ حَتَّى تَقُولَ فِيهِ. قَالَ: قِفْ حَتَّى أُفَكِّرَ فِيهِ، فَلَمَّا فَكَّرَ قَالَ: إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ، يَأْثِرُهُ عَنْ غَيْرِهِ فَنَزَلَتْ: ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا، وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا، وَبَنِينَ شُهُودًا﴾ [الْمُدَّثِّرِ: ١١-١٢] الْآيَاتِ. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ١. وَيُرْوَى عَنْ عُتْبَةَ حِينَ قَرَأَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حم السَّجْدَةِ نَحْوُ ذَلِكَ٢. وَكَذَا أَبُو جَهْلٍ قَبَّحَهُمُ اللَّهُ. فَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ قَوْلَهُمْ فِيهِ: سِحْرٌ، شِعْرٌ، كَهَانَةٌ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ مُفْتَرَيَاتِهِمْ إِنَّمَا قَالُوهُ عِنَادًا وَمُكَابَرَةً وَإِلَّا فَقَدِ اسْتَيْقَنُوا أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ طَوْقِ أَحَدٍ مِنَ الْبَشَرِ.
وَنَحْنُ وَجَمِيعُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ نُشْهِدُ اللَّهَ الَّذِي أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَشَهِدَ بِهِ، وَنُشْهِدُ مَلَائِكَتَهُ الَّذِينَ شَهِدُوا بِذَلِكَ، وَنُشْهِدُ رَسُولَهُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ وَبَلَّغَهُ إِلَى الْأُمَّةِ، وَنُشْهِدُ جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ صَدَّقُوهُ وَآمَنُوا بِهِ أَنَّا مُؤْمِنُونَ مُصَدِّقُونَ شَاهِدُونَ بِأَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ ﷿ وَتَنْزِيلُهُ، وَأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِهِ قَوْلًا وَأَنْزَلَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَحْيًا. وَلَا نَقُولُ إِنَّهُ حِكَايَةٌ عَنْ كَلَامِ اللَّهِ ﷿ أَوْ عِبَارَةٌ بَلْ هُوَ عَيْنُ كَلَامِ اللَّهِ حُرُوفُهُ وَمَعَانِيهِ، نَزَلَ بِهِ مِنْ عِنْدِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ الْمُرْسَلِينَ،

١ أخرجه الحاكم "٢/ ٥٠٦" وقال: حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وهو كما قال.
ورواه البيهقي في دلائل النبوة "٢/ ١٩٨-١٩٩" من طريق الحاكم عنه به.
٢ رواه عبد بن حميد في مسنده "البداية والنهاية ٣/ ٦٢".
من طريق علي بن مسهر عن الأجلح عن الذيال بن حرملة عن جابر به وعلي بن مسهر: ثقة له غرائب بعد أن أضر.
والذيال بن حرملة: لم يوثقه إلا ابن حبان "الثقات ٤/ ٢٢٢". ومن طريق الأجلح عنه به رواه البيهقي في دلائل النبوة "٢/ ٢٠٢".

1 / 266