معارج القبول بشرح سلم الوصول
معارج القبول بشرح سلم الوصول
Chercheur
عمر بن محمود أبو عمر
Maison d'édition
دار ابن القيم
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
Lieu d'édition
الدمام
Genres
تَعْطِيلُهُمْ سَمَّوْهُ "تَنْزِيهًا" لَهُ ... لِيُرَوِّجُوا فَاعْجَبْ لِذَا التَّمْوِيهِ
وَالْوَحْيُ قَالُوا نَصُّهُ لَا يُوجِبُ ... الْعِلْمَ الْيَقِينَ فَأَيُّ دِينٍ فِيهِ
مَا الدِّينُ إِلَّا مَا عَنِ الْيُونَانَ قَدْ ... جِئْنَا بِهِ طُوبَى لِمَنْ يَحْوِيهِ
نَبَذُوا كِتَابَ اللَّهِ خَلْفَ ظُهُورِهِمْ ... وَبَقُوا حَيَارَى فِي ضَلَالِ التِّيهِ
فَسَمَّوُا النُّورَ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ ﷿ عَلَى رَسُولِهِ ﷺ تَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَتِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَلَمْ يُفَرِّطْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ، وَبَيَانُ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ جَوَامِعِ كَلِمِهِ الَّتِي اخْتَصَّهُ اللَّهُ بِهَا فَسَمَّوْا ذَلِكَ كُلَّهُ "آحَادًا ظَنِّيَّةً لَا تُفِيدُ الْيَقِينَ"، وَسَمَّوْا زَخَارِفَ أَذْهَانِهِمْ وَوَسَاوِسَ شَيْطَانِهِمْ "قَوَاطِعَ عَقْلِيَّةً"، لَا وَاللَّهِ مَا هِيَ إِلَّا خَيَالَاتٌ وَهْمِيَّةٌ وَوَسَاوِسُ شَيْطَانِيَّةٌ، هِيَ مِنَ الدِّينِ بَرِيئَةٌ وَعَنِ الْحَقِّ أَجْنَبِيَّةٌ، تُوجِبُ الْحَيْرَةَ وَتُعْقِبُ الْحَسْرَةَ كَثِيرَةُ الْمَبَانِي قَلِيلَةُ الْمَعَانِي كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً، وَيَا لَيْتَهُ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا لَكِنْ وَجَدَهُ السُّمَّ النَّقِيعَ وَالدَّاءَ الْعُضَالَ، فِخَاخَ هَلَكَةٍ نَصَبَهَا الْأَعْدَاءُ لِاصْطِيَادِ الْأَغْبِيَاءِ، وَخُدْعَةَ مَاكِرٍ فِي صُورَةِ نَاصِحٍ فِعْلَ عَدُوِّ اللَّهِ اللَّعِينِ فِي قِصَّتِهِ مَعَ الْأَبَوَيْنِ ﵉ فِي دَلَالَتِهِمَا عَلَى الشَّجَرَةِ الَّتِي نَهَاهُمَا رَبُّهُمَا عَنْهَا: ﴿وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ، فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ﴾ [الْأَعْرَافِ: ٢١-٢٢] إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ. وَكَذَلِكَ كُتُبُ الْكَلَامِ وَالْمَنْطِقِ الْيُونَانِيِّ أَدْخَلَهُ الْأَعْدَاءُ عَلَيْنَا وَسَمَّوْهُ عِلْمَ التَّوْحِيدِ تَلْبِيسًا وَتَمْوِيهًا وَمَا هُوَ إِلَّا سُلَّمُ الْإِلْحَادِ وَالزَّنْدَقَةِ، وَجَحَدُوا صِفَاتِ الْبَارِي ﷿ وَسَمَّوْا ذَلِكَ تَنْزِيهًا لِيُغْرُوا الْجُهَّالَ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ مَحْضُ التَّعْطِيلِ. وَسَمَّوْا أَوْلِيَاءَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ عَرَفُوهُ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ مُشَبِّهَةً لِيُنَفِّرُوا النَّاسَ عَنْهُمْ مَكْرًا وَخَدِيعَةً فَأَصْبَحَ الْمَغْرُورُ بِقَوْلِهِمُ الْمَخْدُوعُ بِمَكْرِهِمْ حَائِرًا مَخْذُولًا لِأَنَّهُمْ لَمَّا عَزَلُوا كِتَابَ اللَّهِ عَنِ الْبَيَانِ وَحَكَّمُوا عُقُولَهُمُ السَّخِيفَةَ فِي نُصُوصِ صِفَاتِ الدَّيَّانِ لَمْ يَفْهَمُوا مِنْهَا إِلَّا مَا يَقُومُ بِالْمَخْلُوقِ مِنَ الْجَوَارِحِ وَالْأَدَوَاتِ الَّتِي مَنَحَهُ اللَّهُ إِيَّاهَا وَمَتَى شَاءَ سَلَبَهُ، وَلَمْ يَنْظُرُوا الْمُتَّصِفَ بِهَا مَنْ هُوَ، فَلِذَلِكَ نَفَوْهَا عَنِ اللَّهِ ﷿ لِئَلَّا يَلْزَمَ مِنْ إِثْبَاتِهَا التَّشْبِيهُ فَشَبَّهُوا أَوَّلًا وَعَطَّلُوا ثَانِيًا، فَلَمَّا نَفَوْا عَنِ اللَّهِ صِفَاتِ كَمَالِهِ لَزِمَهُمْ إِثْبَاتُ ضِدِّهَا وَهُوَ النَّقَائِصُ، فَمَنْ نَفَى عَنِ اللَّهِ كَوْنَهُ سَمِيعًا بَصِيرًا فَقَدْ شَبَّهَهُ بِمَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي شَيْئًا وَكَذَلِكَ سَائِرُ الصِّفَاتِ وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ أَثْبَتُوا لِلَّهِ ﷿ مَا أَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ وَأَثْبَتَهُ لَهُ رَسُولُهُ ﷺ كَمَا شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
1 / 210