معارج القبول بشرح سلم الوصول
معارج القبول بشرح سلم الوصول
Chercheur
عمر بن محمود أبو عمر
Maison d'édition
دار ابن القيم
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
Lieu d'édition
الدمام
Genres
الْمَخْلُوقَاتِ فَمَا فَوْقَهُ لَا يُسَمَّى جِهَةً وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ إِثْبَاتِ الْعُلُوِّ إِثْبَاتُ الْجِهَةِ فَلَازِمُ الْحَقِّ حَقٌّ، فَمَا اسْتَلْزَمَهُ صَرِيحُ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ فَهُوَ حَقٌّ بِلَا خِلَافٍ عِنْدِ أَهْلِ السُّنَّةِ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْعَقِيدَةِ الْوَاسِطِيَّةِ بَعْدَ سَرْدِ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ في الصفات: فصل وَقَدْ دَخَلَ فِيمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ الْإِيمَانُ بِمَا أَخْبَرَ بِهِ فِي كِتَابِهِ وَتَوَاتَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَجْمَعَ عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ مِنْ أَنَّهُ سبحانه فوق سمواته عَلَى عَرْشِهِ عَلِيٌّ عَلَى خَلْقِهِ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ مَعَهُمْ أَيْنَمَا كَانُوا، يَعْلَمُ مَا هُمْ عَامِلُونَ، كَمَا جَمَعَ بَيْنَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ وَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ﴾ أَنَّهُ مُخْتَلِطٌ بِالْخَلْقِ فَإِنَّ هَذَا لَا تُوجِبُهُ اللُّغَةُ، وَهُوَ خِلَافُ مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَخِلَافُ مَا فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْخَلْقَ، بَلِ الْقَمَرُ آيَةٌ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مِنْ أَصْغَرِ مَخْلُوقَاتِهِ وَهُوَ مَوْضُوعٌ فِي السَّمَاءِ وَهُوَ مَعَ الْمُسَافِرِ وَغَيْرِ الْمُسَافِرِ أَيْنَمَا كَانَ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ رَقِيبٌ عَلَى خَلْقِهِ مُهَيْمِنٌ عَلَيْهِمْ مُطَّلِعٌ عَلَيْهِمْ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَعَانِي رُبُوبِيَّتِهِ، وَكُلُّ هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَنَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ وَأَنَّهُ مَعَنَا حَقٌّ عَلَى حَقِيقَتِهِ، لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَحْرِيفٍ وَلَكِنْ يُصَانُ عَنِ الظُّنُونِ الْكَاذِبَةِ مِثْلَ أَنْ يَظُنَّ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ ﴿فِي السَّمَاءِ﴾ أَنَّ السَّمَاءَ تُقِلُّهُ أَوْ تُظِلُّهُ، وَهَذَا بَاطِلٌ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَهُوَ الَّذِي يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا، وَيُمْسِكَ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ا. هـ. وَمُصَنَّفَاتُ هَذَا الْإِمَامِ وَتِلْمِيذِهِ ابْنِ الْقَيِّمِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِي الِانْتِصَارِ لِمُعْتَقَدِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ قَدْ طَبَّقَتِ الْمَشَارِقَ وَالْمَغَارِبَ، وَلَوْ ذَهَبْنَا نَذْكُرُ أَقْوَالَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ لَاحْتَجْنَا إِلَى عِدَّةِ أَسْفَارٍ بَلْ إِلَى عِدَّةِ أَحْمَالٍ، وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ كِفَايَةٌ.
وَنَحْنُ نُشْهِدُ اللَّهَ تَعَالَى وَحَمْلَةَ عَرْشِهِ وَجَمِيعَ مَلَائِكَتِهِ وَأَنْبِيَاءَهُ وَرُسُلَهُ وَجَمِيعَ خَلْقِهِ أَنَّا نُثْبِتُ لِرَبِّنَا ﷿ مَا أَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ فِي كِتَابِهِ وَأَثْبَتَهُ رَسُولُهُ ﷺ وَأَجْمَعَ عَلَيْهِ
1 / 203