معارج القبول بشرح سلم الوصول
معارج القبول بشرح سلم الوصول
Chercheur
عمر بن محمود أبو عمر
Maison d'édition
دار ابن القيم
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
Lieu d'édition
الدمام
Genres
وَقَالَ ابْنُ مَنْدَهْ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: فَهُوَ تَعَالَى مَوْصُوفٌ غَيْرُ مَجْهُولٍ وَمَوْجُودٌ غَيْرُ مُدْرَكٍ، وَمَرْئِيٌّ غَيْرُ مُحَاطٍ بِهِ لِقُرْبِهِ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، وَهُوَ يَسْمَعُ، وَيَرَى وَهُوَ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلَى وَعَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى، فَالْقُلُوبُ تَعْرِفُهُ وَالْعُقُولُ لَا تُكَيِّفُهُ، وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي زَيْدٍ الْمَغْرِبِيِّ: وَأَنَّهُ تَعَالَى فَوْقَ عَرْشِهِ الْمَجِيدُ بِذَاتِهِ، وَأَنَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ بِعِلْمِهِ. قُلْتُ: وَقَدْ أَطْلَقَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ أَعْنِي قَوْلَهُ: "بِذَاتِهِ" أَبُو جَعْفَرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالدَّارِمِيُّ وَيَحْيَى بْنُ عَمَّارٍ وَأَبُو نَصْرٍ السِّجْزِيُّ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ الْأَنْصَارِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ الْكَرَجِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ الطَّرْقِيُّ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الْقُحَيْطِيُّ وَعَبْدُ الْقَادِرِ الْجَبَلِيُّ وَطَائِفَةٌ. وَقَالَ ابْنُ فُورَكَ ﵀: اسْتَوَى بِمَعْنَى عَلَا وَقَالَ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ أَيْ: مَنْ فَوْقَ السَّمَاءِ١. وَقَالَ ابْنُ الْبَاقِلَّانِيِّ فِي إِبَانَتِهِ: فَإِنْ قِيلَ فَهَلْ تَقُولُونَ إِنَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ؟ قِيلَ: مَعَاذَ اللَّهِ بَلْ هُوَ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ كَمَا أَخْبَرَ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ وَقَالَ: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ وَقَالَ: ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْقَصَّابُ فِي عَقِيدَتِهِ: كَانَ رَبُّنَا ﷿ وَحْدَهُ لَا شَيْءَ مَعَهُ وَلَا مَكَانَ يَحْوِيهِ فَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ بِقُدْرَتِهِ وَخَلَقَ الْعَرْشَ لَا لِحَاجَةٍ إِلَيْهِ فَاسْتَوَى عَلَيْهِ اسْتِوَاءَ اسْتِقْرَارٍ كَيْفَ شَاءَ وَأَرَادَ، لَا اسْتِقْرَارَ رَاحَةٍ كَمَا يَسْتَرِيحُ الْخَلْقُ. قُلْتُ: تَفْسِيرُ الِاسْتِوَاءِ بِالِاسْتِقْرَارِ لَمْ يَرِدْ فِي الْكِتَابِ وَلَا السُّنَّةِ، وَنَحْنُ لَا نَصِفُ اللَّهَ إِلَّا بِمَا ثَبَتَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، لَا نَزِيدُ عَلَيْهِ وَلَا نَنْقُصُ مِنْهُ. وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: طَرِيقُنَا طَرِيقَةُ السَّلَفِ الْمُتَّبِعِينَ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، وَمِمَّا اعْتَقَدُوهُ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَزَلْ كَامِلًا بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ الْقَدِيمَةِ لَا يَزُولُ وَلَا يَحُولُ لَمْ يَزَلْ عَالِمًا بِعِلْمٍ بَصِيرًا بِبَصَرٍ سَمِيعًا بِسَمْعٍ مُتَكَلِّمًا بِكَلَامٍ إِلَى أَنْ قَالَ: وَأَنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي ثَبَتَتْ فِي الْعَرْشِ وَاسْتِوَاءِ اللَّهِ عَلَيْهِ يَقُولُونَ بِهَا وَيُثْبِتُونَهَا مِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَمْثِيلٍ، وَأَنَّ اللَّهَ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ وَالْخَلْقَ بَائِنُونَ مِنْهُ لَا يَحُلُّ فِيهِمْ وَلَا يَمْتَزِجُ بِهِمْ، وَهُوَ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ فِي سَمَائِهِ دُونَ أَرْضِهِ. وَقَالَ مَعْمَرُ بْنُ زِيَادٍ فِي أَثْنَاءِ وَصِيَّتِهِ: وَأَنَّ اللَّهَ اسْتَوَى عَلَى عَرْشِهِ بِلَا كَيْفٍ وَلَا تَشْبِيهٍ وَلَا تَمْثِيلٍ وَلَا
١ نقله تلميذه البيهقي عنه في الأسماء والصفات "ص٤١١".
1 / 199