معارج القبول بشرح سلم الوصول
معارج القبول بشرح سلم الوصول
Chercheur
عمر بن محمود أبو عمر
Maison d'édition
دار ابن القيم
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
Lieu d'édition
الدمام
Genres
عَنِ اللَّهِ تَعَالَى لَا مَجَالَ لِلْعَقْلِ فِيهِ. وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ: مَا قَوْلُ أَهْلِ الْجَمَاعَةِ؟ قَالَ: يُؤْمِنُونَ بِالرُّؤْيَةِ وَبِالْكَلَامِ وَأَنَّ اللَّهَ ﷿ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ عَلَى عَرْشِهِ اسْتَوَى، فَسُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ﴾ فَقَالَ: اقْرَأْ مَا قَبْلَهُ ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ﴾ . وَسُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِمَامُ أَهْلِ السُّنَّةِ: اللَّهُ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ وَقُدْرَتُهُ وَعِلْمُهُ بِكُلِّ مَكَانٍ؟ قَالَ: نَعَمْ هُوَ عَلَى عَرْشِهِ وَلَا يَخْلُو شَيْءٌ مِنْ عِلْمِهِ. وَقِيلَ لَهُ: مَا مَعْنَى ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ﴾ قَالَ: عِلْمُهُ مُحِيطٌ بِالْكُلِّ وَرَبُّنَا عَلَى الْعَرْشِ بِلَا حَدٍّ وَلَا صِفَةٍ. وَقَالَ حَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْكِرْمَانِيُّ: قُلْتُ لِإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ﴾ كَيْفَ تَقُولُ فِيهِ: قَالَ: حَيْثُ مَا كُنْتَ فَهُوَ أَقْرَبُ إِلَيْكَ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ وَهُوَ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ. ثُمَّ ذَكَرَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَوْلَهُ: هُوَ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَعْلَى شَيْءٍ فِي ذَلِكَ وَأَبَيْنُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ رَوَاهُ الْخَلَّالُ فِي السُّنَّةِ. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ طَاهِرٍ فَقَالَ: مَا هَذِهِ الْأَحَادِيثُ يَرْوُونَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ رَوَاهَا الثِّقَاتُ الَّذِينَ يَرْوُونَ الْأَحْكَامَ، فَقَالَ: يَنْزِلُ وَيَدَعُ عَرْشَهُ؟ فَقُلْتُ: يَقْدِرُ أَنْ يَنْزِلَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَخْلُوَ مِنْهُ الْعَرْشُ، قَالَ: نَعَمْ قُلْتُ: فَلِمَ تَتَكَلَّمُ فِي هَذَا؟. وَرَوَى الْخَلَّالُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ إِجْمَاعُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ اسْتَوَى وَيَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ فِي أَسْفَلِ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ. وَقَالَ رَجُلٌ لِابْنِ الْأَعْرَابِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ قَالَ: هُوَ عَلَى عَرْشِهِ كَمَا أَخْبَرَ فَقَالَ الرَّجُلُ: لَيْسَ كَذَاكَ إِنَّمَا مَعْنَاهُ اسْتَوْلَى، فَقَالَ: اسْكُتْ مَا يُدْرِيكَ مَا هَذَا، الْعَرَبُ لا تقول الرجل اسْتَوْلَى عَلَى الشَّيْءِ حَتَّى يَكُونَ لَهُ فِيهِ مُضَادٌّ، فَأَيُّهُمَا غَلَبَ قِيلَ اسْتَوْلَى، وَاللَّهُ تَعَالَى لَا مُضَادَّ لَهُ، وَهُوَ عَلَى عَرْشِهِ كَمَا أَخْبَرَ، ثُمَّ قَالَ: الِاسْتِيلَاءُ بَعْدَ الْمُغَالَبَةِ قَالَ النَّابِغَةُ:
إِلَّا لِمِثْلِكَ أَوْ مَا أَنْتَ سَابِقُهُ ... سَبْقَ الْجَوَادِ إِذَا اسْتَوْلَى عَلَى الْأَمَدِ
وَقَالَ ذُو النُّونِ الْمِصْرِيُّ ﵀: أَشْرَقَ لِنُورِ وَجْهِهِ السَّمَاوَاتُ وَأَنَارَ لِوَجْهِهِ الظُّلُمَاتُ وَحَجَبَ جَلَالَهُ عَنِ الْعُيُونِ، وَنَاجَاهُ عَلَى عَرْشِهِ أَلْسِنَةُ الصُّدُورِ.
1 / 192