معارج القبول بشرح سلم الوصول
معارج القبول بشرح سلم الوصول
Chercheur
عمر بن محمود أبو عمر
Maison d'édition
دار ابن القيم
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
Lieu d'édition
الدمام
Genres
الْعَالَمِينَ﴾ وَلَا يَسْتَحِقُّ مَخْلُوقٌ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهَذَا فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ كَافِرًا كَفِرْعَوْنَ الَّذِي قَالَ: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النَّازِعَاتِ: ٢٤] فَهَذَا الَّذِي ادَّعَوْا فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ ﷿ أَصْلٌ كَبِيرٌ مِنْ أُصُولِ الْجَهْمِيَّةِ الَّتِي بَنَوْا عَلَيْهَا مِحْنَتَهُمْ وَأَسَّسُوا بِهَا ضَلَالَتَهُمْ غَالَطُوا بِهَا الْأَغْمَارَ وَالسُّفَهَاءَ وَهُمْ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُغَالِطُونَ بِهَا الْفُقَهَاءَ وَلَئِنْ كَانَ السُّفَهَاءُ وَقَعُوا فِي غَلَطِ مَذْهَبِهِمْ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ مِنْهُمْ لَعَلَى يَقِينٍ. أَرَأَيْتُمْ قَوْلَكُمْ: إِنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ، فَمَنْ خَلَقَهَا وَكَيْفَ خَلَقَهَا؟ أَجَعَلَهَا أَجْسَامًا وَصُوَرًا تَشْغَلُ أَعْيَانُهَا أَمْكِنَةً دُونَهُ مِنَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ أَمْ مَوْضِعًا دُونَهُ فِي الْهَوَاءِ؟ فَإِنْ قُلْتُمْ: لَهَا أَجْسَامٌ دُونَهُ فَهَذَا مَا تَنْقِمُهُ عُقُولُ الْعُقَلَاءِ، وَإِنْ قُلْتُمْ: خَلَقَهَا فِي أَلْسِنَةِ الْعِبَادِ فَدَعَوْهُ بِهَا وَأَعَارُوهَا إِيَّاهُ، فَهُوَ مِمَّا ادَّعَيْنَا عَلَيْكُمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ بِزَعْمِكُمْ مَجْهُولًا لَا اسْمَ لَهُ حَتَّى أَحْدَثَ الْخَلْقَ فَأَحْدَثُوا لَهُ أَسْمَاءً مِنْ مَخْلُوقِ كَلَامِهِمْ، فَهَذَا هُوَ الْإِلْحَادُ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَالتَّكْذِيبُ بِهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ [الْفَاتِحَةِ: ٢-٤] كَمَا يُضِيفُهُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلَوْ كَانَ كَمَا ادَّعَيْتُمْ لَقِيلَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الْمُسَمَّى الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ مَالِكَ يَوْمِ الدِّينِ وَكَمَا قَالَ: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: ٢-٣] كَمَا قَالَ: ﴿تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ﴾ [غافر: ٢] كَذَلِكَ قَالَ: ﴿تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ ﴿تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾، ﴿وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ﴾ [النَّمْلِ: ٦] كُلُّهَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَكُلُّهَا هِيَ اللَّهُ، وَاللَّهُ هُوَ أَحَدُ أَسْمَائِهِ -إِلَى أَنْ قَالَ- وَكَمَا قَالَ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: ﴿أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ كَذَلِكَ قَالَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ ﷺ: "أَنَا الرَّحْمَنُ" ثُمَّ رَوَى بِسَنَدِهِ حَدِيثَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابن عَوْفٍ ﵁ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "أَنَا الرَّحْمَنُ وَهِيَ الرَّحِمُ شَقَقْتُ لَهَا مِنَ اسْمِي فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتُّهُ"١ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالِيَ:
الدارمي في النقص "ص١٢" ورواه الحميدي في مسنده "١/ ٣٥-٣٦". وأحمد "١/ ١٩٤" وأبو يعلى في مسنده "٢/ ١٥٣-١٥٤". وأبو داود "٢/ ١٣٢-١٣٣/ ح١٦٩٤" في الزكاة، باب صلة الرحم، والترمذي "٤/ ٣١٥/ ح١٩٠٨" في البر والصلة، باب ما جاء في قطيعة الرحم. والحاكم "٤/ ١٥٨" كلهم من طريق سفيان عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه. ورجاله ثقات وفيه انقطاع بين =
1 / 123