معارج القبول بشرح سلم الوصول

Hafiz ibn Ahmad Hakami d. 1377 AH
116

معارج القبول بشرح سلم الوصول

معارج القبول بشرح سلم الوصول

Chercheur

عمر بن محمود أبو عمر

Maison d'édition

دار ابن القيم

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م

Lieu d'édition

الدمام

Genres

الْمَعْلُومِينَ وَسَمِيعًا قَبْلَ أَنْ يَسْمَعَ أَصْوَاتَ الْمَخْلُوقِينَ وَبَصِيرًا قَبْلَ أَنْ يَرَى أَعْيَانَهُمْ مَخْلُوقَةً قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥] وَقَالَ: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [السَّجْدَةِ: ٤] وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ﴾ [الْفُرْقَانِ: ٥٩] لِأَنَّهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَلَوْ كَانَ كَمَا ادَّعَى الْمُعَارِضُ -يَعْنِي ابْنَ الثَّلْجِيِّ وَإِمَامَهُ الْمِرِّيسِيَّ- لَكَانَ الْخَالِقُ وَالْمَخْلُوقُ اسْتَوَيَا جَمِيعًا عَلَى الْعَرْشِ إِذْ كَانَتْ أَسْمَاؤُهُ مَخْلُوقَةً عِنْدَهُمْ إِذْ كَانَ اللَّهُ فِي دَعْوَاهُمْ فِي حَدِّ الْمَجْهُولِ أَكْثَرَ مِنْهُ فِي حَدِّ الْمَعْرُوفِ لِأَنَّ لِحُدُوثِ الْخَلْقِ حَدًّا وَوَقْتًا وَلَيْسَ لِأَزَلِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى حَدٌّ وَلَا وَقْتٌ لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ وَكَذَلِكَ أَسْمَاؤُهُ لَمْ تَزَلْ وَلَا تَزَالُ. ثُمَّ احْتَجَّ الْمُعَارِضُ لِتَرْوِيجِ مَذْهَبِهِ هَذَا بِأَقْبَحِ قِيَاسٍ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَتَبْتُ اسْمًا فِي رُقْعَةٍ ثُمَّ احْتَرَقَتِ الرُّقْعَةُ أَلَيْسَ إِنَّمَا تُحْرَقُ الرُّقْعَةُ وَلَا يَضُرُّ الِاسْمُ شَيْئًا فَيُقَالُ لِهَذَا التَّائِهِ الَّذِي لَا يَدْرِي مَا يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِهِ: إِنَّ الرُّقْعَةَ وَكِتَابَةَ الِاسْمِ لَيْسَ كَنَفْسِ الِاسْمِ إِذَا احْتَرَقَتِ الرُّقْعَةُ احْتَرَقَ الْخَطُّ وَبَقِيَ اسْمُ اللَّهِ لَهُ وَعَلَى لِسَانِ الْكَاتِبِ لَمْ يَزَلْ قَبْلَ أَنْ يَكْتُبَ لَمْ تَنْقُصِ النَّارُ مِنْ الِاسْمِ وَلَا مِمَّنْ لَهُ الِاسْمُ شَيْئًا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ أَسْمَاءُ الْمَخْلُوقِينَ لَمْ تَنْقُصِ النَّارُ مِنْ أَسْمَائِهِمْ وَلَا مِنْ أَجْسَامِهِمْ شَيْئًا وَكَذَلِكَ لَوْ كَتَبْتَ اللَّهَ بِهِجَائِهِ فِي رُقْعَةٍ ثُمَّ أَحْرَقْتَ الرُّقْعَةَ لَاحْتَرَقَتِ الرُّقْعَةُ وَكَانَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِكَمَالِهِ عَلَى عَرْشِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ صُوِّرَ رَجُلٌ فِي رُقْعَةٍ ثُمَّ أُلْقِيَتْ فِي النَّارِ لَاحْتَرَقَتِ الرُّقْعَةُ وَلَمْ يُضَرَّ الْمُصَوَّرُ شَيْئًا وَكَذَلِكَ الْقُرْآنُ لَوِ احْتَرَقَتِ الْمَصَاحِفُ كُلُّهَا لَمْ يَنْقُصْ مِنَ الْقُرْآنِ نَفْسِهِ حَرْفٌ وَاحِدٌ وَكَذَلِكَ لَوِ احْتَرَقَ الْقُرَّاءُ كُلُّهُمْ أَوْ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَبَقِيَ الْقُرْآنُ بِكَمَالِهِ كَمَا كَانَ لَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ حَرْفٌ وَاحِدٌ لِأَنَّهُ مِنْهُ بَدَا وَإِلَيْهِ يَعُودُ عِنْدَ فَنَاءِ الْخَلْقِ بِكَمَالِهِ غَيْرَ مَنْقُوصٍ، وَقَدْ كَانَ لِلْمِرِّيسِيُّ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ مَذْهَبٌ كَمَذْهَبِهِ فِي الْقُرْآنِ كَانَ الْقُرْآنُ عِنْدَهُ مَخْلُوقًا مِنْ قَوْلِ الْبَشَرِ لَمْ يَتَكَلَّمِ اللَّهُ بِحَرْفٍ مِنْهُ فِي دَعْوَاهُ، وَكَذَلِكَ أَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَهُ مِنَ ابْتِدَاعِ الْبَشَرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ تَعَالَى: ﴿إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [الْقَصَصِ: ٣٠] بِزَعْمِهِ قَطُّ وَزَعَمَ أني متى اعترف بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَكَلَّمَ بِـ ﴿إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ لَزِمَنِي أَنْ أَقُولَ تَكَلَّمَ بِالْقُرْآنِ وَلَوِ اعْتَرَفْنَا بِذَلِكَ لَانْكَسَرَ عَلَيْنَا مَذْهَبُنَا فِي الْقُرْآنِ، وقد كسره الله عَلَيْهِمْ عَلَى رَغْمِ أُنُوفِهِمْ فَقَالَ: ﴿إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ

1 / 122