62

Ma'alim al-Tawheed fi Fatiha al-Kitab

معالم التوحيد في فاتحة الكتاب

Maison d'édition

دار المأثور

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

١٤٤١ هـ - ٢٠٢٠ م

Lieu d'édition

دار الأمل

Genres

٨ - من مات مشركًا فلا يغسَّل ولا يكفن ولا يصلى عليه، ولا يستغفر له، ولا يترحم عليه، ولا يقبر في مقابر المسلمين، قال سبحانه: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (١١٣) وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا … عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ … فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (١١٤)﴾ [التوبة: ١١٣ - ١١٤]، وقال سبحانه: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (٨٤)﴾ [التوبة].
٩ - المشرك يُحرم نعمتي الأمن والاهتداء، ويقرر هذه الحقيقة قول الله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٨٢)﴾ [الأنعام].
والظلم هنا هو الشرك كما مر معنا في آية لقمان، وبمفهوم المخالفة فالذين خالطوا إيمانهم بشرك ليس لهم الأمن وليسوا بمهتدين.
وقوله سبحانه: ﴿سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ﴾ [آل عمران: ١٥١].
قال ابن القيم ﵀: «والمقصود أن الشرك لما كان أظلم الظلم وأقبح القبائح وأنكر المنكرات كان أبغض الأشياء إلى الله وأكرهها له وأشدها مقتًا لديه، ورتّب عليه من عقوبات الدنيا والآخرة ما لم يرتبه على ذنب سواه، وأخبر أنه لا يغفره، وأن أهله نجس، ومنعهم من قربان حَرَمِه، وحرّم ذبائحهم ومناكحتهم، وقطع الموالاة بينهم وبين المؤمنين، وجعلهم أعداءً له سبحانه ولملائكته ورسله وللمؤمنين، وأباح لأهل التوحيد أموالهم ونساءهم وأبناءهم وأن يتخذوهم عبيدًا، وهذا لأن الشرك هضم لحقّ الربوبية، وتنقيص لعظمة الألوهية» (^١).
١ - والمشرك المتلبّس بالشرك ظن بربّه ظن السوء كما قال تعالى: ﴿وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ

(^١) إغاثة اللهفان (١/ ٩٩).

1 / 72