Ce qui reste chaque nuit de la nuit
ما يتبقى كل ليلة من الليل
Genres
قلت له: أنت أنت.
قال لي - وهو يتمطى، فتقع القبعة الصغيرة البيضاء عن رأسه؛ ليظهر فراغ شاسع لا حدود له، فراغ مرعب ومربك، فلم يكن تحت القبعة غيرها، تحركت عيناه الكبيرتان تمسحان وجهي، وتعبرانه إلى ما لا نهاية، وفضلت أن أساعده في وضع القبعة في مكانها؛ حتى أجده وأدرك ضالتي فيه، ولكنه كان الأسرع مني على الرغم من أنه كان طاعنا في السن، ويبدو مرهقا من ثقل الأزمان عليه، وضعها، سألني: ماذا رأيت؟
قلت له: الفراغ.
ابتسم وهو يستعير من الفيتوري بيتا آخر: «الغافل من ظن الأشياء هي الأشياء».
سألته دون تفكير: أتعرف الفيتوري؟
ابتسم، كانت أسنانه بيضاء وجميلة ومنتظمة، وبشاربه الأبيض يحلق ما يشبه الوردة كلما ابتسم، في الحقيقة كانت هذه هي المرة الأولى التي يبتسم فيها، نعم ابتسم بعد ذلك مرتين، أجابني: لا، من هو الفيتوري؟ أنا لا أعرف غير الله.
وتخطينا هذا الإشكال أيضا، وإشكالين آخرين صغيرين، تخطينا إشكالا آخر، ثم صلينا معا - ليس الفجر وليس العصر، وليست هي صلاة النقطة، وليس الصبح ولا المغرب، ليس العشاء أو الظهر، وليست صلاة جنازتنا.
صلينا معا في الوقت وفي المكان، أيضا سقطت قبعته مرة أخرى وهو ينهض، فبدا رأسه مرعبا وشاسعا ولا نهاية له، ولكن عيناه الشرستان تلاحقان الأشياء ووجهي بظفر جارح التقطها، قال لي: ماذا رأيت؟
قلت له: «الغافل من ظن الأشياء هي الأشياء» ألم تعلمني ذلك.
قال: لا علم لي.
Page inconnue