L'ère pré-islamique
عصر ما قبل الإسلام
Genres
وكانت المناطق الزراعية تعبد إلها يمت إلى الشمس بصلة، وأوضح أمثلة لعبادة الشمس كانت في مدينة تدمر ومدينة البتراء، ولا يخفى أن سكان الأقاليم الزراعية قد أدركوا ما بين حرارة الشمس ونماء الزرع من علاقة «قارن هذا بعبادة المصريين القدماء لرع إله الشمس.»
وكان بعض قبائل البدو يدينون الطوطمية، ويعبدون الحيوانات، وتفسير هذا يمكننا أن نرجعه إلى ما كان يعود عليهم من نفع من الحيوان المعبود ومدى ارتباطهم به «قارن هذا أيضا بعبادة الحيوان عند قدماء المصريين.»
وكانت آلهة المناطق الزراعية - في الغالب - من الآلهة الخيرة، التي تجلب النفع للناس، أما آلهة المناطق الجرداء فكانت من الآلهة الشريرة والشياطين، وهذه كانت تعبد دفعا لأذاها ولاتقاء شرورها، كما كانت تعبد الأولى استجلابا لرضاها واستدرارا لنفعها.
وعبد العرب أيضا بعض مظاهر الطبيعة، التي كانت تحيط بهم، فعبدوا بعض الأشجار وعيون الماء والكهوف والحجارة، ولكن عبادتهم لهذه الأشياء كانت كوسيلة لتقريبهم إلى الآلهة التي كانت - حسب ما يعتقدون - تتخذ مقارها في بعض هذه الأشياء، ولسنا ندري إن كانت بئر زمزم قد عبدت قبل الإسلام، ولكن القزويني يذكر أن بئر عروة - كان الناس إذا مروا بها أخذوا من مائها يهدونه إلى أهليهم، أما الكهوف فكانت قداستها ترجع إلى أنها تتصل بقوى الآلهة السفلية، وقوى باطن الأرض التي لا يرونها، ومن أمثلة ذلك كانت غبغب في نخلة، حيث كان العرب يقربون للإلهة العزى.
كذلك عبد العرب بعض الأجرام السماوية، ولعلهم تأثروا في ذلك بالمجوس جيرانهم، فعبدوا القمر، وكانت عبادته شائعة في مناطق الرعي، كما كانت عبادة الشمس شائعة في مناطق الزراعة، ويجب أن نذكر هنا أن ضوء القمر كان يهدي بالليل، وكان ظهوره ينظم لهم مواقيتهم، وقد ورد في القرآن ذكر ود، وهو أحد آلهة القمر، وكان أهم إله يعبد في معين ببلاد اليمن.
وقد سبق أن أشرنا في تاريخ اليمن في فقرة [قصة أصحاب الأخدود] عند الكلام على قصة أصحاب الأخدود خبر نخلة في نجران، كان القوم يعبدونها هناك، ولهذه النخلة نظير في شجرة العزى، المسماة بذات أنواط في نخلة، والتي كان يهرع إليها أهل مكة كل عام، فيقدمون القرابين لها كما كان يقدم أهل نجران لنخلتهم قرابين من الأسلحة والملابس وغيرها، وكانت اللات في الطائف يمثلها حجر مربع، وذو الشرى في البتراء يمثله كتلة مستطيلة من حجر أسود غير منحوت، يبلغ ارتفاعه أربعة أقدام وعرضه قدمان، وكان لكل من هذه الآلهة حمى من أرض المراعي المحيطة به، لا يعتدى عليه ولا يعتدى فيه.
وكان البدو يؤمنون بأن الصحراء مسكونة بمخلوقات لها طبيعة الوحوش، يطلقون عليها أسماء الجن والشياطين، وكان الجن - في نظرهم - يختلفون عن الآلهة من حيث طبيعتهم من جهة، ومن حيث علاقتهم بالإنسان، فالآلهة في نظرهم كانت بصفة عامة أصدقاء لهم، أما الجن فكانوا لهم خصوما؛ ولعل ما تنطوي عليه الصحراء من هول، وما يعمرها من وحوش - هو الذي دفعهم إلى هذا الاعتقاد، وأرض الآلهة هي الأرض التي يطرقها الإنسان، أما أرض الجن فهي أرض البرية التي لم يطرقها أحد، ولعل لفظ المجنون بالعربية معناه الذي أصابه الجن.
ولسنا ننكر الجن؛ فقد ورد ذكرهم في أكثر من موضع في القرآن وفي مناسبات متعددة، ولكن المقصود بهم كان يختلف عما ذهب إليه العرب في الجاهلية.
وقد ورد ذكر اللات والعزى ومناة في القرآن، وهذه الإلهات الثلاث كان العرب يسمونها بنات الله، وكن يعبدن في المنطقة التي أتيح لها أن تكون مهد الإسلام فيما بعد ، وقد ورد ذكرهن في القرآن في سورة النجم الآية 19 وما بعدها:
أفرأيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى * ألكم الذكر وله الأنثى * تلك إذا قسمة ضيزى (راجع قصة الغرانيق في الفصل السادس من كتاب حياة محمد للدكتور هيكل باشا).
Page inconnue