Qu'est-ce que le cinéma ?

Ziyad Ibrahim d. 1450 AH
57

Qu'est-ce que le cinéma ?

ما هي السينما!: من منظور أندريه بازان

Genres

لكن أي شخص يقرأ بتعمق في مقالاته التي تعد بالمئات سيجد بدلا من هذا ال «بازان الجوهراني» ناقدا أكثر توافقا مع التاريخ، ظهرت بالتدريج قيمه الأكثر تعقيدا وتنوعا، مع امتداد رؤيته فيما وراء الواقعية الجديدة. هذا البازان الثاني آمن بأن «وجود السينما يسبق جوهرها»؛ شاهد تضحية الوسيط السينمائي بتصوره الذاتي النقي في مواجهاته المتنوعة، واحتفى بذلك. ولعلنا نقول إن بازان في بداياته، بازان الذي صاغ مقال «أنطولوجيا الصورة الفوتوغرافية» عام 1945، كان يهتم بقدر أكبر بالدال. أما بازان فيما بعد، الذي عزز رؤاه في مقال «من أجل سينما مشوبة» عام 1952، فكان يهتم بقدر أكبر بالمدلول. اسمحوا لي أن أسمي المقال الأخير «مقال النشوء»، حتى نضع هذين البازانين في إطار واحد؛ مثل بعض لوحات بيكاسو التي تعرض لك صورة فنية لوجه بمقدمته وجانبه في آن واحد.

في الحقيقة، ينتهي مقال «أنطولوجيا الصورة» بملحوظة شهيرة تشير إلى المرحلة الثانية من تطور بازان: هذه الجملة المفردة «السينما أيضا لغة» تقلب المزاعم الضخمة بشأن التصوير الخام، الذي ربما يكون ضروريا للسينما، لكنه غير كاف لتفسير الظاهرة الكاملة التي يهتم بها بازان. اليوم، ربما كان بازان سيقول إن التصوير يسهم إسهاما جوهريا في الحمض النووي للسينما. لكن ماذا عن نمو السينما الاجتماعي، وهويتها التاريخية، أثناء تكيفها مع الأدوار التي يطلب منها أن تقوم بها؟ ربما يعتمد كتاب «ما هي السينما؟» على القوة النفسية الأولية للواقعية التصويرية، لكن «القيمة» الفعلية للسينما مشكلة تاريخيا؛ لأن حقيقة أن «السينما أيضا لغة» تعني أنها تتطور داخل نطاق من الخطاب الثقافي.

ما الذي كان يشغل بال بازان حينما أنهى أشهر مقالاته بهذه الفقرة القصيرة؟ الواقع أن هذه الجملة لا تظهر في المقال الأصلي الذي نشر عام 1945، لكنها أضيفت لاحقا ضمن كثير من التعديلات التي أدخلها حين كان يجمع نصوصه في عام 1958. بقراءة هذه الجملة في سياق كتابه «ما هي السينما؟»، فإنها تفعل ما هو أكثر من جذب الخيط الذي يكشف مقولة معقدة في مقال واحد، وتغير العدسات بدلا من ذلك، متسببة في إبعاد هدف النقاش، وهو السينما التصويرية، ليرى ببعد آخر. ورغم أن مقال «الأنطولوجيا» يبقى مقالا أساسيا، فهو لا يعمل في عام 1958 عمل إشارة البدء في مسيرة ناشئة، ولكنه «حجر الزاوية» (كما سماه رومير) الداعم لأكثر من خمسين قطعة جمعها بازان في بناء ضخم من أربعة مجلدات في نهاية مسيرته المهنية. عاش بازان ليرى فقط مسودة المجلد الأول الذي وضع له عنوانا فرعيا هو «الأنطولوجيا واللغة». لذا فإن الجملة الأخيرة المثيرة للاهتمام التي تقحم «اللغة» على نحو غير ذي صلة في نقاش «الأنطولوجيا» تبدو قرارا حصيفا من بازان - المحرر - لصنع استمرارية منطقية في مجلد يحتوي على ثلاثة فصول مختلفة تماما.

الآن، دعونا ننتقل للإصدار الثاني من «ما هي السينما؟» الذي أعده بازان لكنه لم يره. هذا الإصدار المعنون «السينما والفنون الأخرى» الذي يفتتح بجملة «من أجل سينما مشوبة»، يعتبر أكثر معالجاته دقة للتواؤم الأدبي. هنا لا تدرس السينما بالنظر إلى الداخل لتكوينها الخلوي، ولكن بالنظر إلى الخارج لمكانها بالنسبة إلى الفنون الأخرى المحيطة بها. هل يجب أن تتخذ موقعها في منطقة خالية لم يحتلها أي نوع من الفنون قبلها، أم يجب عليها أن تتواطأ معها في منطقة ثقافية شائكة؟

لم يشعر بازان بأي تضاد في هذين الاتجاهين لتفكيره. مثل أي شكل حي، يجب على السينما التكيف مع الظروف المحيطة بها، مضحية بهويتها الذاتية المفترضة (أي وجودها) وهي تنضج بالشكل الذي تتخذه عبر التاريخ (أي تواؤمها). خلال هذا، تكتسب السينما انتماءات ووظائف، كما يفعل البشر تماما. ربما يمتلك صبي في السادسة عشرة ميولا معينة وشخصية فطرية، لكن بعد العمل على سفينة لعشرين عاما، على سبيل المثال ، أو في الجيش، أو نحاتا، وبعد تجربته للزواج وانخراطه في الدين والسياسة، ماذا سنقول عنه؟ ربما لم يفقد شخصيته التشكيلية والأصلية، لكنه نضج من خلال التواؤم. في أفضل الأحوال، وباستخدام جملة لستيفان مالارميه كان بازان يحبها، فإن الوظائف والانتماءات إنما تغير السينما من داخلها: «إن الأشياء تتغير لما يفترض أن تكون عليه فقط بعد أن تصبح ما هي عليه.»

كان برفقة بازان في مجلة «إسبري» بول ريكور الذي قال: «إن الفلسفة بسيطة للغاية حقا. فهناك مشكلتان فقط: الفرد والمتعدد، والشيء نفسه والآخر.»

16

كلتا المشكلتين تظهران في مسألة المواءمة. يعتمد ما «يكونه» الفرد على الآخرين الذين يتعامل معهم؛ لأن الرهانات والوعود التي يراكمها المرء تحفظ هويته حتى حينما يبدو أن كل شيء يتطور في حياته. وهكذا أيضا «ما تكونه السينما» يتغير خلال مسيرتها. ربما كانت الواقعية مهمة لتطور الحداثة السينمائية بعد الحرب مباشرة، لكن عقد الخمسينيات جلب اهتمامات أخرى، اهتمامات ثقافية مرتبطة بفنون أخرى في مراحلها الحداثية المثلى. في هذا السياق، نظر بازان لتنوع الوسيط السينمائي و«لا نقائه» ومدحهما. مهد بازان المشهد لحدوث التضاد بين مقالي «الأنطولوجيا» و«النشوء» حينما سبق أن خطط عام 1958 ليجعلهما في مستهل الجزأين الأول والثاني، على التوالي، من أعماله المجمعة. احتل هذان المقالان موقعا رئيسيا ضمن أعماله، حيث كان كلاهما قد تبلور منذ أكثر من عام، وظهر في مؤلفات جماعية نخبوية موجهة للقراء ذوي التأهيل العلمي العالي.

انتقلت اهتمامات بازان من الواقعية إلى التواؤم، ومن الوجود إلى التاريخ في لحظة يمكننا تحديدها. يمكن تتبع نقطة تحول بازان إلى عام 1948، بفحص مقالاته التي نشرت في مجلة «إسبري»، وهي الكيان الكاثوليكي اليساري الذي شعر فيه بازان بالألفة إلى أبعد حد. في يناير من ذلك العام، ظهر مقال «الواقعية السينماتوغرافية ومدرسة التحرر الإيطالية»، بينما ظهر في شهر يوليو مقال «الاقتباس أو السينما بوصفها خلاصة». صحيح أن مقال الواقعية الجديدة يحوي قسما يتحدث عن جماليات الرواية الأمريكية المعاصرة، وهو شيء تعلمه بازان من الأديبة الفرنسية كلود-إدموند مانييه، زميلته في «إسبري»،

17

Page inconnue