Qu'est-ce que le cinéma ?
ما هي السينما!: من منظور أندريه بازان
Genres
29
سريعة الاستجابة ومسئولة عن مهمة توصيفية عجز الأسلوب المعتاد (الكلاسيكي) عن القيام بها. أصبح العالم المراد تمثيله أوسع وأسرع وأكثر تعقيدا وعنفا مما يحتمله التمثيل السينمائي السائد. بالاندفاع خارج الاستوديو، صارت السينما تكافح لاستيعاب واقع محير بالكاميرات المحمولة، والعدسات الخاصة، وآلات التسجيل، وشرائط الأفلام الحساسة، والألوان، وحتى الأشعة تحت الحمراء. هذه الابتكارات والتحسينات مهدت الطريق لأساليب التصوير الجوي، والتصوير ليلا، والتنقل المرتجل، وتسجيل الصوت في الموقع؛ حيث تعلمت السينما السيطرة على امتدادات شاسعة، وعرض ظواهر وأحداث كانت بعيدة عن متناولها.
كانت الطريقة التي تلاعبت بها الوثائقيات بالبعد الزمني للصورة أقل وضوحا، لكني أعتقد بأنها أكثر أهمية. بفضل الخبرات التي أتاحتها وثائقيات زمن الحرب؛ فإن الأفلام الروائية الطويلة كان بإمكانها أن تحاول تشكيل القصص طبقا لأبعاد زمانية مختلفة عن تلك التي كان ينتجها نظام «الديكوباج». تحدى بازان صناع الأفلام والمشاهدين أن ينفتحوا على عوالم خبرة أبعادها الزمنية متغيرة على نحو مربك وكاشف. وبأكثر الأشكال وضوحا، استلزمت الحرب أن تلتقط السينما حالة عاجلة، أساسية بقدر أكثر مما يمكن أن تنتجه صناعة الأفلام الكلاسيكية. في مقاله البارع «مدرسة التحرر الإيطالية»، نسب بازان القوة الفورية التي تمتعت بها «أفلام المقاومة » إلى تصوير سينمائي أظهر مميزات «كاميرا بيل وهاول للأفلام الإخبارية، وعرض متحرك لليد والعين، كأنها عضو حي من مشغل الكاميرا، متناغم تناغما فوريا مع وعيه.»
30
تنتج قيود جودة الصورة بحد ذاتها مزيدا من الواقعية في المواقف الميدانية، أشبه نوعا ما برسم تخطيطي لفنان منها بلوحة زيتية. يكمل تحليل بازان لأسلوب مالرو الحذفي الحجج التي كان يصوغها بالفعل ضد سيطرة «الديكوباج» الهوليوودي الكلاسيكي، مشيرا إلى أن تقطيعات مالرو «غير القابلة للفهم» تقريبا تجبر المشاهد على الدخول في حالة فعالة من التيقظ، كما لو كان في حالة طوارئ. أفلام مثل «الأمل» («ليسبوار»)، و«معركة السكك الحديدية» («باتل أوف ذا ريلز»، «باتاي دي ريل»؛ كليمو، 1946)، و«بايزا» (روسيليني، 1946) كسرت الإيقاع الدرامي المعتاد، مجبرة المشاهد على اللحاق بالأحداث التي تتجلى أو تحدث أمامه بمعدل لا يمكن توقعه. يحدث كل من تلك الأفلام في الزمن المتقطع لفعل حروب العصابات وردود الفعل إزاءها على أرض متنازع عليها. ويمكن اختصار إطارها الزمني لأقل ما يمكن تخيله؛ رجل ينظر إلى عنكبوت على الحائط في لحظة إعدامه (كليمو)، أو رصاصة طائشة تصيب عضوا حزبيا في فلورنسا، وإدراك الأحوال الاجتماعية المفاجئ من قبل جندي أسود في روما (روسيليني). تجبر هذه الأفلام المشاهد على الانتباه لأحداث أسبابها خفية أو ضئيلة أو مبهمة بقدر يمنع المشاهد من ملاحظتها. مثل هذه الأفلام يجب استيعابها في عجالة.
تبرز الحذوفات الصارخة سرعة الحياة وعنف سيرها كما عاشها الناس وكما تخيلوها بعد الحرب العالمية الثانية، رغم أنها تستغني عن السياق المرئي (ومنه المساحة البانورامية)، وعن السيكولوجية، وتفاعل الشخصيات. كل هذا يضع المشاهد في علاقة بالموضوع الذي يمكن أن يوصف بأنه واقعي من وجهة نظر نفسية. أما عن «الواقعية الكلية»، أو استحالتها بالأحرى، فقد ربط بازان الموقف بالقصور الجسدي: الخلايا المخروطية والعصوية للجهاز البصري حساسة لنطاقات مرئية مختلفة؛ فالحيوانات التي وهبت رؤية ليلية قوية ترى الصورة بيضاء وسوداء فقط، مفتقدة المعلومات التي يوفرها اللون.
31
أراد بازان تحديد الموقع المختار لكل فيلم في نطاق الواقعية لمشاهدته وفق شروطه .
في الطرف الآخر من ذلك النطاق كان هناك فيلم جورج روكييه «فاروبيك» (1945) الذي حصل على جائزة النقاد الدولية في أول دورة لمهرجان كان. يعمل الحذف بطريقة مختلفة تماما هنا. لا وجود لأي مصادفة أو حدث عارض يؤثر على وصفه الدقيق لبيت في مزرعة في وسط فرنسا. وبعكس الفيلم الحربي، إطاره الزمني ليس إطار الحدث العاجل الآني، ولكن إطار سنة التقويم الكاملة، وضمنيا، الزمن الأرضي نفسه، وهو الزمن الذي أفقدنا الانتقال لعصر التصنيع الإحساس به. أراد روكييه ألا «يؤرخ» شيء فيلمه،
32
Page inconnue